تتعلق قصتنا التالية بالعصور الحديثة فقد حدثت في المائة والخمسة والسبعين عاماً الأخيرة. لكنه للوصول إلى مصدر هذه القصة يجب أن نعبر جسراً ضيقاً من الزمن يمتد إلى ألف عام
وكان في خلال هذه المدة فنان يتدرجان في سبيل التطور كلاهما يصلح للاستخدام في تهيئة الثياب للحالة التي هي عليها اليوم
أما أحد الفنيين فهو فن الصناعات الآلية فإن اختراع الآلات الميكانيكية في القرن الثامن عشر قد أفسح المجال للحذق في فن النسيج. وإذا أردنا أن نحدد تاريخ بدايات العهود لصناعة القماش وجدنا أنه من فجر التاريخ أي في القرن الرابع عشر قبل الميلاد كانت عناصر النسيج في كل العالم بسيطة أولية هي المغزل بأنواعه ومنها المغزل الصيني للحرير والمغزل الهندي للقطن. ولم يكن أهل القرون الوسطى في أوربا قادرين على إحداث تغيير عملي كبير في صنع ألوانهم
فظل النسيج إلى منتصف القرن الثامن عشر على طريقته القديمة طريقة عجل النسج والنول الذي يدار باليد. وكان هذان العنصران هما كل ما لدى الغزالين والنساجين في إنكلترا من أدوات هذه الصناعة. لكن الناس كانوا قد بدءوا يسائلون أنفسهم: أليس من الممكن اختراع وسيلة يمكن بها أن تظل عجلة النسيج دائرة وأن تظل الوشيعة (المكوك) تتحرك فيصبح النسج أسهل مما كان بواسطة اليدين؟
وكان أحد الضباط البحريين في فرنسا في القرن السابق واسمه (دي جانس) قد اخترع آلة لصنع الأقشمة التيلية لا تحتاج إدارتها إلى عامل ولكن فكرته في الاختراع لم تنجح عملياً. وفي سنة ١٧٣٣ اخترع جون كاي في مدينة بوري في مقاطعة لانشستر نوعاً جديداً من الوشائع وقد سمي باسم (مكوك الذبابة) لسرعته في الحركة سرعة خارقة للعادة