ثبتت الخرافة كذلك دعائم الملكية الشخصية وحفظتها، إذ مما لاشك فيه إن هذه الملكية متأخرة في الوجود عن الملكية العامة، فالناس عرفوا متاع الجمعية ومال القبيلة قبل أن يعرفوا مال زيد وعمرو. والملكية العامة نفسها ظهرت في شكلها الأول على صور الملكية المقدسة، فنشأت في أعمال الخرافة وتربت على حسابها. وقد كان التقديس ولا يزال وسيلة من وسائل احترام الملكية والمحافظة عليها. وللخرافة يد أخرى في الدفاع عن الملكية، فقد حاربت السرقة والسراق، وحمت مال الفرد والجماعة، وقضت على عامل كبير من عوامل الاضطراب. وإذا تتبعنا عقائد وتقاليد الأمم الهمجية المعاصرة، وجدنا فيها خير برهان على هذه القضايا
ففي البولينيز أحد أقسام الأقيانوسية، لا يجرؤ أحد على الاعتداء على أملاك الشيوخ والرؤساء والمحاربين لما لها من صفة مقدسة تبعاً لأصحابها، فحرام على أي شخص أن يعدو عليها بالسرقة أو النهب أو التبديد؛ ومن اقترف إثما من ذلك استوجب غضب الآلهة ولعنة الملائكة والناس أجمعين، وجر على قبيلته بوجه خاص السخط والنكال لهذا كان عدوّ الجماعة التي تعمل على محاربته ورد المال المسلوب إلى أهله. يقول براون:(إن كل ما يملكه السيد أو يحيط به مقدس في نظر عبيده من سكان زيلنده الجديدة. لذلك لا يستطيع أحدهم - برغم حبه للتبغ - أن يمس ورقه منه علم أنها من مال السيد. وقد حدث مرة أن أعطى صديق لي حفنة من التبغ إلى عبد لم يكد يمضغها حتى علم أنها أخذت من منزل سيده، فأسقط في يده، وسارع المسكين إلى مولاه يقص عليه القصص، ويسأله المغفرة وإباحة التبغ الذي مضغه، خشية أن يجر عليه صنعه نتائج مهلكة) فبيت السيد إذا حرم آمن لا يستطيع مخلوق أن ينتهك حرمته. وكثيراً ما ترك رؤساء القبائل التي نتحدث عنها أموالهم وأمتعتهم معرضة للجمهور دون أن تصاب بسوء. وإذا أراد فرد عادي أن يحمي ماله، اكتفي بأن يميزه بشارة من الشارات المقدسة. ووسائل التقديس كثيرة: منها أن يقام في الحقل شاخص على هيئة صليب أو سمك نهري خاص أو أن يوضع تحت شجرة الفاكهة صورة فأرة إذا رآها السارق ولى مدبراً، أو أن يربط في عنق الشخص خيط أحمر