ضَرِيَ السوريون منذ برهة، باستعمال ألفاظ جديدة، للتعظيم والتبجيل، واستهجان كل كلمة دخيلة تدل على نظائر تلك المعاني. ولذا تجدهم اليوم، لا يتخذون لقباً أو جلاء يدل على أدب، أو تكريم، أو علم، أو إدارة، أو سياسية، أو نبالة، أو كل لفظ عليه طابع دخيل، فليس فيهم كاتب يتخذ في كلامه كلمة آغا، ولا أفندي، ولا بك. وأما مسيو. ومستر، وسنيور، وهر وضون، فقد أصبحت في خبر كان. وكذلك لا تجد أثراً لماجستير وليسانسية ودكتور وبروفسور. وقد نفوا من عبارتهم الكبتن والماجور والكولونل والجنرال هذا في الرجال. وكذلك نقوا كلامهم من ألقاب الإناث مثل: هانم، خانم، خاتون، ومدموازيل، ومدام، ومس، ومسز، وليدي. والكلام هنا على ما يقال في الأجانب على اختلاف قومياتهم. وليس هناك خلاف في أنه إذا جرى الكلام على أبناء العرب من ذكور وإناث فيتخذ لقب السيد، والسيدة، والآنسة، والكريمة، والعقيلة، إلى ما ضارع هذه المفردات
أما أنهم يحاولون إطلاق هذه القاعدة على الأجانب، وعلى ما وضعه هؤلاء من الألقاب العلمية والسياسية والأدبية بشروط وامتحانات وأحكام، فأنهم يحاولون القبض على حبال القمر، أو على قبض الماء بأيديهم؛ إذ لا حق لهم فيها، ولا يوافقهم على تحكمهم هذا إلا كل أهوج، خال من الوقوف على تقدم علوم العصر ومصطلحاته وأدبه، وأنفاق جميع الأقوام على اتخاذه، لأنها أصبحت من أوضاع الأقوام جميعها، ومن مشتركاتهم فيها ومن حق الجميع وممتلكاتهم لها
ومن مضحكات أوضاعهم أنهم أخذوا يستعملون (العليم) و (الحكيم) في مكان (الدكتور). وجهلوا أن هذا اللقب وأمثاله بمنزلة الأعلام، أي أعلام الألقاب. والأعلام تروي، أو ينطق بها على علامتها، ولا يحق لأحد أن يبدلها بغيرها، أو يصلحها، أو يحرر فيها أي تحرير، كبيرا كان أم صغيراً. فكما أن أحمد غير حامد، وهذا غير محمود، محمود غير محمد، وهذا غير حماج، وحماد غير حميد، وإن كان الأصل واحد كذلك ألقاب الآداب لا يبدل بعضها ببعض، ولا يقوم اللفظ الواحد مقام اللفظ الآخر؛ فـ (المسيو) مثلا يدل على أن المتكلم