[خروج المتنبي من مصر]
القسم الثالث
لحضرة صاحب العزة الأستاذ احمد رمزي بك
سافرت في آخر شهر أكتوبر سنة ١٩٥١ إلى خارج مصر لحضور اجتماع هيئة الأمم المتحدة ولم اعد ألا في النصف الأخير من شهر فبراير سنة ١٩٥٢ لذلك تأخرت في الكتابة عن رحلة المتنبي الذي لازمني طول مدة إقامتي بعيداً عن مصر.
ذكرنا في المقالين الماضيين كيف قطع المتنبي المسافة بين الفسطاط ونخل في مرحلة واحدة وكيف مدح الهجن البيجاوية التي حملته هذه المسافة الطويلة بقوله: -
ولكنهن حبال الحياة ... وكبد العداة وميط الأذى
ولم يقف أبو الطيب طويلا في نخل التي تركها بعد أن مر بها ونفسه مملوءة بالفخر فقال:
فمرت بنخل وفي ركابها ... عن العالمين وعنه غنى
وسار من نخل حتى قرب من النقاب أو أشرف على ما نسميه اليوم رأس النقب وهو على حدود مصر الحالية. ثم نزل في الوادي وسار شمالا في القطاع الواقع الآن بين شرق الأردن ومصر والذي اصبح من أملاك إسرائيل. وانتهى إلى وادي تربان وهو وادي ينزل من الحميمة إلى المنخفض الواقع في هذا القطاع
ويظهر أن أبا الطيب المتنبي أخفى نيته واتجاهه في السفر إذا يقول.
وأمست تخبرنا بالنقاب ... بوادي المياه ووادي القرى
وبقصد بوادي المياه ووادي القرى الاتجاه جنوبا إلى الحجاز بدلا من الاتجاه شمالا إلى الشام واخذ طريق الكوفة. ويظهر أن شمال الحجاز كان عامر في عصره بدليل ما جاء في كتاب ذيل الأمالي صفحة ١٢١.
ولما علوت اللايثيى لشوقت ... قلوب إلى وادي القرى وعيون
كما جاء في كتاب الأمالي صفحة ٢٩٩ جزء ٢ شعر جميل.
ألا ليث شعري هل أبيتن ليلة ... بوادي القرى إني إذا لسعيد.
وجاء في صبح الأعشى جزء ٤ صفحة ٢٩٢ انه بضم القاف وفتح الراء المهملة وألف في الأخر جمع قرية.