للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[٦ - أمم حائرة]

الأسرة

لصاحب العزة الدكتور عبد الوهاب عزام بك

وزير مصر المفوض بالمملكة السعودية

تعالوا نلتمس الطمأنينة في موضعها، والسكينةَ في موطنها، ونظفر بالسعادة في مكانها، ونسعد بالمحبة في دارها. هلم إلى الأسرة، إلى البيت الذي يُنبت الودّ والصفاء، والإخلاص والولاء، إلى الجنة التي يرد سلسبيلها الظماء، ويتفيأ ظلالها من برَّحت به الرمضاء، ويأوي إليها من مسَّه العناء، فيجد الروح والرَيحان، والسلم والأمان، والغِبطة والرضوان.

هلمَّ إلى المعبد الذي تطهر فيه الأشباح، وتصفو الأرواح، وتقام على الإخلاص الشعائر، وتتناجى به السرائر، الحرم الذي تهفو إليه الأفئدة، ويظلله الأمان، وتمحى فيه الأضغان، ويتمكن فيه التوحيد، فإذا نفس واحدة في أجسام متعددة، وإذا ألفاظ كثيرة لمعنى واحد!

تعالوا ننظر إلى المدرسة التي تعلّم الودّ والحب، والتعاونَ والإيثار، وتُنشِّئ على الأخلاق العالية، والفضيلة الكاملة، وتعلّم الإخلاص والفِداء، والبر والولاء، والصدق والوفاء.

تعالوا إلى العش يأتلف فيه الزوجان على الخير والشر، والنفع والضر، يأوي إليه الزوج مجهوداً فتمسح تعبه يد رحيمة، ويدخله غاضباً فترضيه كلمة حكيمة، ويفر من ضوضاء الأسواق، ونصب العمل، وكد العيش، فيظفر بالهدوء والسكينة، والقرار والطمأنينة؛ فيتلو الآية الكريمة: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).

إلى دار الأمومة والأبوة، والبنوة والأخوة، حيث الأم على أولادها مشبلة، ولتربيتهم عاملة، ولنومهم ساهرة، ولراحتهم جاهدة؛ الأم مبعث الشفقة والرحمة، وموئل البر والعطف، أعظم الناس عملاً، وأبلغهم أثراً، وأرفع الخلق مكانة، وأعلاهم منزلة، وأطهرهم فكراً ولساناً ويداً، وأحسن الناس حملاً للأعباء، وأصبرهم احتمالاً للأمانة؛ الأم التي تحمل الأمم وتضعها، وتربيها وتنشئها، وتزكيها وتعلمها. والأب يغدو ويروح بثمار كده، ونتاج سعيه، فيضع ما في يده من تعب، وما في فكره من كد، وما في نفسه من هم، وما في قلبه من

<<  <  ج:
ص:  >  >>