حيا الله الفاروق العظيم، فقد اقتضت رعايته لهذه الأمة أن يكون توجيهه الكريم السامي فارقاً بين أمر وأمر، أو قل بين خير وشر. لقد راعه أن رأى روح الحزبية يطغى على الصالح القومي، ويحول دون استفادة البلاد من كفايات بعض أبنائها، لأن غباراً مما يثار بين الأحزاب يعلق بأشخاصهم، بل قد يفضي الأمر إلى استهلاك هذه الكفايات في ضروب من الصراع الشخصي الزائل، فلا يكاد يبقى من طاقاتهم شيء للعمل الصالح الخالد.
فكانت التفاتة الرعاية من الفاروق لخير هذه الأمة، التنبيه على وجوب النظر إلى المسائل العامة نظراً قومياً، وألا يحول شيء دون انتفاع الوطن بكفايات من أنجب.
وكان من أثر ذلك التوجيه الملكي السديد، أن استجاب له معالي الأستاذ علي أيوب وزير المعارف بما صنع من التقدير والتكريم للأدب في أشخاص أربعة من كرام الأدباء، هم الدكتور طه حسين بك والأستاذ علي محمود طه والأستاذ محمد سعيد العريان والدكتور زكي مبارك؛ فأحسن التلقي من القائد الأعلى، وأحسن عملا؛ وقد كرم أيضاً بذلك المثل الأعلى لولاة الأمور في شخصه العظيم. وإذا كانوا يقولون: العلم لا وطن له، فقد أضاف معاليه إلى هذا القول - بلسان العمل - أن الأدب لا حزب له. والعلم والأدب والفن أخوة لأب واحد هو الفكر الفائق.
وبعد فقد وضع معالي الوزير بذلك الصنيع عنوان الكتاب والمأمول بعد ذلك أن يقوم بتأليفه. . فإن هناك غير أولئك الأربعة أربعات من الأدباء، ما أجدرهم بأن يتم بالالتفات إليهم وتقديرهم تأليف الكتاب، وما أجدر معاليه أن يبحث عنهم بإبرة العالم، ولا يخفى عليه أن الأدباء أهل كبرياء وذوو حماقة. . . وأن كبرياءهم وحماقتهم تمنعانهم من كثير مما يظفر به (العقلاء) فليقرب إليهم - متفضلا - ما أبعدته عنهم كبرياؤهم، وليغض - جزاه الله صالحة - عن حماقاتهم.
في وزارتكم يا معالي الوزير، وزارة العلم والثقافة، جمع ذو عدد من الأدباء الذين يعرفهم الجمهور بإنتاجهم، وقد حشد أكثرهم في الإدارة العامة للثقافة مع من حشد فيها من غيرهم.