للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البَريدُ الأدَبي

الأدب المنتحر

الأدب العربي - اليوم - يقاسي محنة مريرة، ويعاني تجربة قاسية، أسأل الله أن يجتازها بسلام.

ذلك أن نفراً من المبتلين بداء التقليد يطلعون علينا كل يوم بصورة من صور الإفلاس الكبرى، والمجاعة العاطفية.

فتراهم يحاولون تقليد المذاهب الغربية الهاربة من نعيم الحياة الحاقدة على المجتمع، المنزوية في كهوف من الأوهام العاجزة المريضة.

وفي لبنان مجلة تقرأ في كل عدد من أعدادها نماذج من تلك المذاهب، وأنا أورد ثلاثة نماذج من تلك الصور البشعة للأدب البغيض.

أحدها من قصة عنوانها (مواطن جديد) قال كاتبها في أولها:

(آه. . تنبعث من زاوية الكوخ فيرفع الرجل رأسه، ويرنو إلى زوجته القابعة على بقايا حصير، ثم يتطلع إلى وجهها الشاحب الباهت ويتساءل (هكذا) - ما بك؟. - الجنين، أحس ألماً شديداً في أحشائي، يبدو أن ساعة الوضع قد دنت، إن الشقي يتأهب للنزول إلى الحياة، ليأخذ نصيبه من الألم والعذاب، نصيبه من الشقاء والبؤس. . . ويدير ببصره إلى باب الكوخ، ظلام. . الظلام يكتنف الكون. . . لا. . . الأكواخ. . . فقط. . . إن كلمات زوجته تهبط على رأسي كالمطارق فهلا كفت عن الشكوى؟

أمعك عود ثقاب؟!. . يلتفت الزوج. . إن النور الضعيف الذي كان ينبعث من ذبالة السراج قد مات. . . تلاشى. . فملأ السواد جانب الكوخ. . انطفأ. . ويمد الرجل يده إلى جيبه، لا شيء. . إنه مثقوب. . الجيب الآخر. . فتصطدم ببعض الأجسام الصغيرة يعرف بينها علبة الثقاب لكنه يتمهل فلا يخرج يده. . بل ظل يعبث بتلك القطع ويمر بأصابعه على أطرافها، هذه القطعة التي جوانبها ملساء. . فلس. . وهذه الصغيرة التي بأطرافها نتوء. . أربعة. . أما هذه الكبيرة قليلاً. . فعشرة. . خمسة عشر فلساً. إنه يتفحصها للمرة العاشرة دون أن تزداد قليلاً. يقولون إن النقود تأتي بالنقود والذهب يأتي بالذهب، أما النحاس؟ وينهض الرجل متثاقلاً فيتحسس بأقدامه الأرض. . . . . . ويحمل الرجل

<<  <  ج:
ص:  >  >>