وما ينفك الفضول مستأثراً بلب الشاعر، فهو يريد أن يعرف كل شيء عن هذا الضيف الكريم الذي فتح عليه سجنه وحطم له قيده؛ فما الذي حمله على الهبوط من سمائه إلى الأرض، ومن دار الخلود إلى دار الفناء؟ وما هذه القدرة الخارقة التي أمسكته عن الطيران، ووقفته عن الجوَلان، ثم حبسته في هذا الكوكب الأرضي بين أجساد مخلوقة من سلالة من طين؟ وأنى يتسنى له وهو سجين أن يتصل بالبدن الذي تحللت عناصره، فأمسى رميم العظام؟ وما هذه العرى المدهشة للعقول، والصلات الخفية عن الأبصار التي تربط بينهما هذا الربط المحكم الوثيق؟
(أي قدرة ألقتك على هذه الأرض الفانية؟
أي يد غيبتك في سجن من الطين؟
وبأي عرى مدهشة، وروابط خافية،
يمسك بك الجسم كما تمسك به وأنت سجين؟
ولم يكتف لامرتين بهذه الأسئلة؛ فهو يرتقب بشوق لجوج يوم يُفصل بين الروح والبدن، يوم لا تنفع العرى والروابط مهما حفيت على الأبصار؛ وينتظر مفارقة الروح لهذه الأرض وصعوده إلى السماء حيث يجد قصراً مشيداً بدلاً من القبر الذي كان يشترك فيه مع البدن.
(متى يوم الفصل بين الروح والبدن؟
متى تغادر الأرض إلى قصرك المشيد؟
هل نسيت كل شيء؟ ألن يبعثك الزمن
من أعماق القبر إلى مجهل جديد؟. .)
وإذا انفصل الروح عن البدن وتحرر من قيوده وطار من هذه الأرض إلى السماء، وانتقل