كتبت بعدد (الرسالة) الصادر في ٥ نوفمبر الماضي تحت عنوان (اللغة الأجنبية الأولى) أنه لم يعد يليق بنا أن نظل خاضعين لحكم الاستعمار في فرض لغته علينا - دون غيرها - لغة أجنبية أولى.
وقد ردد هذه الدعوة بعض الزملاء، وارتفع صوت أحد النواب في البرلمان يقول: لماذا تبقى اللغة الإنجليزية لغة أجنبية أولى في بلادنا؟
وفي الأسبوع الماضي نشرت الصحف قرار معالي وزير معالي الدكتور طه حسين باشا وزير المعارف، الذي يقضى بأن تدرس في المدارس اللغات الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والإلمانية، على أن تكون إحدى اللغتين الأوليين أصلية وإحدى اللغات الأخرى إضافية. ومعنى هذا القرار أن يختار الطالب اللغة الأجنبية الأصلية التي يريد أن يدرسها من بين اثنتين: الفرنسية والإنجليزية، ثم تبقى واحدة منهما تضم إلى الإيطالية والألمانية على أن يختار الطالب واحدة من الثلاث لغة إضافة. والغرض من هذا أن يكون الشعب حرا في اختيار اللغة التي يتعلمها أصلية أو إضافية، فإذا أجمع على اختيار الفرنسية دون الإنجليزية لغة أصلية فقد حرر نفسه من ربقة الاستعمار اللغوي، وقد يجمع أيضا على نبذ الإنجليزية لغة إضافية، والمهم - على أي حال - هي أن تجلى لغة أعدائنا الذين يسفكون دماءنا عن المكانة التي احتلها في مصر باحتلالهم إياها.
وقد تسأل: لماذا لم يصدر الوزير قرارا يقضى نصه بإلغاء تعليم الإنجليزية كلغة أصلية؟ خطر لي هذا السؤال أول، ثم تأملت القرار الذي صدر وقارنت بينه وبين ما يرمى إليه السؤال،
فألقيت القرار يؤدى إلى النتيجة المطلوبة، ويمتاز بأنه يتيح الفرصة للشعب نفسه أن يكون حرا في اختيار ما يريد، وخاصة أن هناك من يجادلون في هذا الموضوع، فليكن الأمر إذن للشعب، يتعلم اللغة التي يريدها.
وأنا أتوكل على الله وأحرص على تجنب لغة المجرمين السفاكين الأدنياء.