هل كانت الاطلانطس التي مازالت مستقى خصباً لأقلام القصصيين حقيقة قارة أو منطقة مفقودة؟ لقد ظهرت في العصر الأخير عدة قصص رنانة عن خرافة (الاطلانطس) وكان أخرها رواية لبيير برتران عضو الأكاديمية الفرنسية. ولكن (الاطلانطس) ما تزال خرافة يكتنفها الغموض المطبق. وقد حاول كاتب إنجليزي هو جيمس برايمول أخيراً أن يدرس قصة (الاطلانطس) دراسة تاريخية علمية، فوضع عنها كتاباً سماه (الاطلانطس المفقودة) جمع فيه كل ما ورد في الروايات القديمة والحديثة وفي التقاليد المأثورة، وفي الشعر والقصص عن هذه الأسطورة، وفي رأيه أن هذا (الاطلانس) لابد أن تعني شيئاً ولو أن ما يحيط بها من الغموض يحول دون معرفة الحقيقة، وأن هذه القارة ربما كانت على الأغلب جزائر (آزورس) في عصر غابر جداً قد يرجع إلى عشرة آلاف عام قبل المسيح. والواقع أن الأسطورة تثير في الإنسان الجانب الشعري قبل أن تثير فيه الناحية العلمية؛ وإذا كانت جزائر (الآزورس) يمكن أن تكون فرضاً أول للقارة المفقودة، فكذلك يمكن أن تكون قادسة وقرطاجنة؛ وهنالك غير ذلك فروض كثيرة ذهب إليها مختلف الباحثين. وأما الحوادث التي ترتبط بهذه الأسطورة فلا حصر لها، وهي قد ترجع إلى عصر الأهرام أو عصر أفلاطون، وأفلاطون ممن تحدثوا عن (الاطلانطس)؛ بيد أن مستر برامويل يرى رواية أفلاطون خارقة مستحيلة إذ يقول أن (الأطلانطس) أو القارة الوسطى قد اختفت في الماء في يوم واحد، لأن العوامل الجيولوجية لا تحدث أثرها بمثل هذه السرعة الخارقة؛ ومن جهة أخرى فإن أسطورة (الأطلانطس) ليست في ذاتها أكثر إغراقا من أساطير تاريخية أخرى لها مكانة في التاريخ، فحصار طراودة وقصة هيلين التي خلدها هوميروس في الإلياذة؛ وقصة ملكة سبأ التي شغلت الباحثين والرواد في الأعوام الأخيرة وأمثالهما من الروايات المغرقة التي تبدو مع ذلك ذات مسحة تاريخية هي من نوع أسطورة الاطلانطس، ولو أنها من الناحية الزمنية ترجع إلى عصور أكثر ظلاماً وغموضاً، وعلى أي حال فإن كتاب (الاطلانطس المفقودة) يقدم إلينا مجموعة من الروايات والفروض الشائقة التي تتعلق بهذه الأسطورة منذ فجر التاريخ إلى عصرنا