للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من فلسفة الإذاعة]

الإذاعة فن وحياة

للأستاذ يوسف الحطاب

(تحية لمعالي الدكتور حامد زكي بك وزير الإذاعة بعد جولته الفنية في الخارج)

(الإذاعة فن وثقافة وحياة)

هذا هو التعريف الكامل الذي أطلقه الأستاذ راشد في تقريره الأخير عن جهوده المشرفة بالقسم الأوربي.

وكم كان بودنا ألا يقف عند هذا التعريف السريع مع صحته وان يتناوله بشيء من الشرح والتفسير، بما عرف عنه من روح العلم والتحليل، حتى يسد فراغا يلمسه نقاد الفن حين يحاولون تفسيره الظاهرة الإذاعية، والكلام عن وسائلها وعن القائمين بها. ويظهر أنه أراد أن يسلم هؤلاء النقاد الموضوع بكرا ليفتقوا جوانبه، ويجلوا بعض ما غمض فيه. ولكن إذا كان الناقد في مثل هذا المجال مضطرا إلى التوفير على إجلاء جوانب الموضوع - ما دام صاحب التعريف قد فتح الباب أمامه ودعاه إلى أعمال ذهنه في الفهم والتفسير - فإنه مضطر كذلك إلى مجاراة صاحب الموضوع في السرعة، فيعرضه بسرعة الصوت الذي هو وسيلة الإذاعة نفسها، وأن كان واجبه يحتم عليه الوقوف عند أطراف التعريف وقفه غير طويلة.

وأول ما يصح للناقد أن يقف عنده هو الطرف الأول من التعريف (الإذاعة فن) ولا شك أن هذا هو التعريف الجديد الذي تقدمه المدرسة الحديثة لفهم الإذاعة فهماً صحيحا. وهو فهم يرفض الرأي القديم القائل بان الإذاعة حرفة يمكن أن يشتغل بها كل إنسان عاطل من الموهبة الإذاعية. ولقد كان هذا الرأي القديم يبطل إنسانية الأذاعة، ويحييها إلى لعبة إليه يمكن أن يلهوا بها كل من أفسح الطريق أمامه، أو قرأ كتابا على هامش فن الإذاعة، مع أن هذا الفن عملية فكرية مركبة لا يمكن أن يجيدها إلا كل إنسان يحيا في نفسه حياة إذاعية، ويشعر بحاجة مجتمعة الحي إلى هذا اللون من الفن، وتكون عنده القدرة إلى تحقيق موهبته بالفعل، فليس فن الإذاعة نوعا من المهارة بل هو الحياة نفسها كما تبدو في الصلة بين المذيع والمستمع مهما كان لون الحديث الذي يقدمه.

<<  <  ج:
ص:  >  >>