يذكر القراء أن المربي الكبير الأستاذ ساطع بك الحصري كان قد وفد إلى القاهرة في العام الماضي ليطلع على الأنظمة التعليمية المصرية فزار المدارس وقرأ المناهج ثم لاحظ على نظام التعليم عندنا ملاحظات قيمة لم يرد أن ينشرها يومئذ لصفته الرسمية في وزارة المعارف العراقية. فلما أنتقل منها إلى دار الآثار رأى أن يذيع هذه الملاحظات في مصر عن طريق الرسالة ليطلع عليها القائمون على شئون التعليم فيها ثم يناقشونها. وهذه فرصة حسنة يتيحها الأستاذ لرجال التعليم ليبادلوه الرأي فيما يجب أن يكون عليه نظم التعليم في عهد مصر الحديث.
(الرسالة)
- ١ -
لعل ابرز المآخذ التي تستلفت أنظار الباحث المحايد عندما يلقي نظرة انتقادية عامة على نظام التعليم في مصر هو (حرمان المدارس الابتدائية من أساس متجانس متين) فإن الدراسة في هذه المدارس لا تبتدئ ببداءة (الأعمال المدرسية) كما هو شأن المدارس الابتدائية في سائر أنحاء العالم، بل تبتدئ بعد ذلك بسنة أو سنتين، لأن المدرسة الابتدائية لا تقبل إلا من (يعرف القراءة والكتابة). وهذه (المعرفة) لا تتيسر بطبيعة الحال إلا بالتخرج في رياض الأطفال، أو بالدراسة في الصفوف الأولى من المدارس الأولية مدة سنتين أو اكثر، أو بالدراسة في المنزل مدة غير محدودة وإذا تركنا الدراسة المنزلية جانباً، ولاحظنا الفروق العظيمة الموجودة بين أساليب التعليم والتربية المتبعة في رياض الأطفال من جهة، وفي المدارس الأولية من جهة أخرى، اضطررنا إلى القول بأن (أسس المدارس الابتدائية) في مصر بعيدة عن (التجانس) بعداً كبيراً. وإذا شبهنا تلك المدارس بالمباني، نستطيع أن نقول: إنها ليست مشيدة على الأرض المتينة، بل قائمة على دعائم غير