[الشمس في الطلوع]
للشاعر الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي
الشمس قد طلعت بوجه أروع ... فوقفت مبهوتاً لحسن المطلع
وجه كما تهوى الطبيعة سافر ... ماإنْ عليه سوى السَّني من برقع
في موكب فخم يزيد جلاله ... لمع الأشعة في الفضاء الأوسع
هي في علاية أوْجها وشعاعها ... في كل ما تبدو له من موقع
بيضاء لولا ما بها من وخزة ... لذَّاعةٍ من حسنها لم أشبع
إني أدين بحسنها لا كالذي ... أملي عليه جهلُه ألاَّ يعي
مرت تعاورها الدهور وحسنها ... أبداً جديد بالشباب الممتع
أنظر إليها فهي تحكي غادةً ... ترنو إليك من المحل الأرفع
ولقد بدت في خليعٍ من ضوئها ... أحسن بها لما بدت في الخليع
تجري بلا تعب إلى الغايات ... في صمم على لقم الطريق المَهْيع
لا تحرم الأرض الضياء فان جلت ... عن موضع منها بدت في موضع
تمتد من شغفٍ لها الأنظار من ... حَسْرى تكل من العياء وضُلَّع
ظهرت على متن السحاب كأنها ... نارٌ تُشب على كثيبٍ أسفع
ولقد عَلَتها وهي تبرح أُفقها ... وَطْفاءُ حانيةٌ حُنُوَّ المُرضع
ودنا يطوف بها الغمام كمُصْطلٍ ... با النار يُذكى جمرها أو مُزمع
قد كان في القرصُ أحمر فاتحاً ... حتى أختفى في العارض المتجمّع
أما الغيوم فتلك بعد تراكم ... أخذته بين صدورها والأذرع
صورٌ محببّةٌ وليس بمنكرٍ ... حِوجُ الحياة إلى الجمال الأرْوع
الشمس في طول النهار نجيَّتي ... والشمس حيث ذهبتُ ذاهبةٌ معي
وكأنما بيني وبين شعاعها ... نسبٌ قديمُ ما لأوّله أعي
ما ذرَّ قرنُ الشمس إلاَّ أهتزّ من ... فرح فؤادٌ تحتويه أضلعي
الصبح لما أبيضَّ من أنورها ... أخنى على ضوء النجوم اللُمّع
والصبح بعد الليل يحكي ضوؤه ... أملاً لذيلاً بعد يأس موجع