قال الأستاذ الكبير لزلي إستيفن في أول الفصل الثاني من كتابه العظيم (الفكر الإنجليزي في القرن الثامن عشر) ما يلي:
إن الكتب التي هي بمثابة الدعائم الثابتة في تاريخ الآداب، إنما تكون من الطائفتين: أحدهما طائفة الكتب التي تلخص جدل الماضي، والثانية طائفة الكتب التي تعد جدل المستقبل
والظاهر من كلام هذا الرجل الفذ يتضمن في مطاويه كثيرا من الحقائق التي ينبغي لنا أن ننعم النظر فيها، ونطيل التأمل والاستبصار منها، ذلك بأن آدابنا وفنوننا حتى الآن تفتقر إلى الطائفتين معاً: تحتاج إلى كتب تلخص جدل الماضي، وتحتاج إلى كتب تعد العدة لجدل المستقبل.
أما الكتب التي تلخص جدل الماضي فلا سبيل إليها إلا بالترجمة والنقل عن اللغات الأخرى، لنستكمل بها - في لغتنا العربية المنيفة - الأداة التي تعدنا لجدل المستقبل. وعلى هذا نريد أن ننظر أتسع آدابنا وفنوننا اليوم تلك الكتب التي تتضمن مشاكل الماضي وتعدنا لمشاكل المستقبل؟
أما الذين هم أميل إلى التفاؤل فيقولون إن ما بين أيدينا من الكتب يكفي لتكوين الأديب الذي يستطيع أن يخلق القضايا العقلية والنظريات التي سوف تكون عدة الجدل في المستقبل. وعلى النقيض من هؤلاء فئة تذهب إلى عكس ما تذهب إليه الأولى وإن كل من يعرف مقدار التراث الذي خلفته القرون الأولى، ويجول بفكره جولة يقطع بها تاريخ ستين قرناً من الزمان ليقنعه بعدُ الشقة التي تفصل بين أبناء العرب وبين المراجع التي هي عدة لجدل المستقبل، بلزوم الإكباب على درس ما يلخص جدل الماضي، من آثار الآداب والفنون.
عن لي أن أكتب في هذا الموضوع، وأن أخص الرسالة بما أكتب، إثر سؤال تقدم به إلي صديق من خريجي الأزهر ومن رجال التخصص فيه يريد به أن يعرف المصادر التي يستطيع أن يدرس فيها تاريخ الاسكندر المقدوني وحياته وأعماله، وقد أراد أن يكتب رسالة