أيعرف القراء أن في الأحلام أحلاماً هي قصص عقلية كاملة الأجزاء محكمة الوضع متسقة التركيب بديعة التأليف، تجعل المرء حين ينام كأنه أسلم نفسه إلى (شركة من الملائكة)، تسيح به في عالم عجيب كأنما سحر فتحول إلى قصة؟
إن يكن في القراء من لا يعلم هذا فليعلمه مني؛ فإني كثيراً ما أكتب وأقرأ في النوم، وكثيراً ما يلقى علي من بارع الكلام، وكثيراً ما أرى ما لو دونته لعد من الخوارق والمعجزات
وهذهالقصة التي أرويها اليوم، كانت المعجزة فيها أني مشيت في التاريخ كما أمشي في طريق ممتدة؛ فتقدمت إلى أهل سنة ٣٩٥ للهجرة وما يليها، فعشت معهم وتخبرت من أخبارهم، ثم رجعت إلى زمني لأقص ما رأيته على أهل سنة ١٣٥٣. . .
أمسيت البارحة كالمغموم في أحوال ثقيلة على النفس ما تنطلق النفس لها، أولها سوء الهضم، ومتى كان البدء من هنا لم تكن الحركة في النفس إلا دائرة، تذهب ما تذهب ثم لا تنتهي إلا في سوء الهضم عينه. فجلست في الندى الذي أسمر فيه أحياناً، فكان لجوه وزن أحسسته كما يحس الغائص في الماء ثقل الماء عليه؛ ودخنت الكر كرة فلم تكن هواء ودخاناً يتروح، بل كانت من ثقلها كالطعام يدخل على الطعام؛ ونظرت ناحية فأخذت عيني رجلاً فيلي الخلقة، منطاد البطن، كأنما نفخ بطنه بالآلات، يحمل منه مقدار أربعة من بطون البدينات الحوامل، كل منهن في الشهر التاسع من حملها. . .؛ وكان معي إلى كل هذا البلاء خمس صحف يومية أريد قراءتها. . .!
ثم جئت إلى الدار، والمعركة حامية في أعصابي؛ وما كان سوء الهضم منومة فيدعو إلى النوم، فدخلت بيت كتبي وأردت كتاباً أي كتاب تناله يدي، فخرج لي كتاب في خرافات الأولين وأساطيرهم وهذيانهم وسوء هضمهم العقلي. . كالكلام أدونيس وأرطاميس وديونيس وسميراميس وإيسيس وأتوبيس وأثرغتيس. . . فاستعذت بالله وقلت: حتى الكتب لها في هذه الليلة أعصاب قد نالتها الثقلة والألم.؟
وبات الليل يقظان، وبقيت متململاً أتقلب حتى أخذ الصداع في رأسي، فانقلب التعب نوماً، وجاء من النوم تعب آخر، وقذفت إلى عالم الأحلام في قنبلة، تستقر بي حيث تريد لا حيث