أناجيك في علياء سمائك أيها القمر الوضيء، يا من يشع منك هذا الزهو الوديع فيملأ جوانب الليلة المدثرة بشتيت الرقيع. إيه يا من تلد الأطياف الساحرة التي تملأ القلب، ولا تفتأ توحي اليه في نشاط وقوة
إني لأرقب في غبطة سيرك الهادئ، خلال ذلك النور المترقرق كأنه الماء في لونه وأراك حينما تختلج عينك الفاترة وراء ذلك القناع الذي يشبه الفراء العظيم، وحينما يتوارى وجهك الشاب خلف ما تجمع من سواد في هذا الفضاء العلوي، وحينما تطل من السحب مزقتها الرياح، فينبعث ضوؤك الزاهر في السماء الصاحية
آه. مثلك أيها القمر يكون الأمل! نعم صنوك في جماله وفي اضطرابه. فتارة يلوح غامضاً مبهماً في تيار الفكر، وطوراً يختفي وراء ذلك الطيف المزعج ذي الأجنحة الشبيهة بأجنحة التنين، طيف اليأس البغيض، ثم لا يلبث أن يظهر في وهجه وقوته، فيبدد بنوره الساطع تلك السحب المركومة التي عقدها الهم، ويسبح كما يسبح الشهاب الثاقب، تزيده السرعة وهجاً واشتعالاً