وكنا نسير بسرعة، فيداي لا ترتفعان عن عجلة القيادة مخافة أن يؤدي أضأل انحراف في التوجيه إلى اصطدام بشيء. ثم إن فمها حلو، وشفتيها رقيقتان، وليس عليهما شيء من الأحمر، ولست أحب السيجارة المبتلة، ولكني قلت لنفسي إن رضابها لا بد أن يكون عذباً.
وكانت السجاير بيني وبينها على المقعد، فتناولتها، ثم جعلت تتلفت وتتحسس باحثة عن الكبريت فقلت:
(هو في جيبي -)
فدست يدها في الجيب، ثم ضحكت
قلت:(ماذا؟ أشركينا. . .)
قالت:(ثلاث علب كبريت. . .!؟ ما هذا؟)
فصحت، والتفت إليها برغمي، وأحسست وأنا أفعل ذلك أن يدي ترعش.
(بس؟)
قالت مستغربة:(بس؟ هل تريد أن تجتر بالكبريت؟)
قلت:(هذه سرقة. . . لا بد أني سُرقت. . . كان في هذا الجيب خمس علب، فأين ذهبت الاثنتان؟ هه؟ طارتا؟ لا يمكن! احترقتا؟ مستحيل! واضح جداً أنهما سُرقتا. . . فمن هو السارق يا ترى؟ هذه هي المسألة التي تتطلب الحل السريع. . . أهو أنت؟ من يدري؟)
قالت:(والله ما أخذت شيئاً، ولا كنت أعرف أن جيبك هذا فيه كبريت. . . بل لم أكن أدرك أن هنا جيباً. . . ثم ماذا أصنع بالكبريت وأنا لا أدخن عادة؟)
وكان في صوتها الفضي اللين من الجزع ما أضحكني فقلت:
(لا عليك يا فتاتي. . . كوني سارقة أو لا تكوني. . . فأنت على الحالين. . . ماذا؟ هه؟ قولي أنت. . .)
فابتسمتْ - أحسست أنها تبتسم، فقد كنت معنياً بالطريق الغاص بالناس والسيارات والغنم والحمير، والجمال. . . ولا سيما الجمال فإنها شر ما أخاف، فإن لها لفزعاً غريباً من