هي الصكة التي إن أخذت لم تذر، وإن حمت لم تدع لصاحب العقل عقلا، أو لصاحب الفؤاد فؤاداً، وهي لا تدع لذي الحياة حياة وتنحط أول ما تنحط فيفقد الإنسان قوامه وتطير نفسه بددا، حتى إذا تراجعت اليد التي أنزلتها رجع الإنسان إلى بعض الرشد منه فيبين له أن الله قد أقام الرجل رجلا حتى يملك زمام أموره، يسيرها فتسير، ويصرفها فتنصرف، فإذا استقام هذا التفكير وجرى في سننه أصبح الرشد الآئب أكبر من الرشد الهارب، واتكأ المصدوع على سنة الله في عباده فيرتئب الصدع أو يكاد، وتستقيم النفس بعد التواء. وبعد ففي كل شر خير، وخير معرفة الصاحب مخلص الصحبة، من العدو مضمر البغض، خير قديم يلازم كل شر ولا جديد فيهز وقديم كذلك أن أقرب الناس إليك قد يكون أشدهم بغضا لكز فهو يخفي بغضه حتى تصيب الصكة وينزل البلاء على صاحبه، فيزاحم ببغضه هذا البلاء ويستبق إلى إنزال الشر كأنه جزء منه، ينزله فلا يملك المبتلى إلا أن يصرخ (حتى أنت؟) فإذا الصرخة في نفس العدو فرحة؛ فهو موغل في شره. حتى إذا تبين له أن كيده مردود، وأن الله قد أقام الرجل رجلا حتى يملك زمام أموره، يسيرها فتسير، ويصرفها فتنصرف. . . يبين ذلك فإذا صاحب الشر مسترجع شره، يضعه في نفسه نارا تحترق ولا تحرق غيره! فياله من مسكين! هذا هو طريف الشر إذن. . آدمي ذو عقل وصاحب قلب يختزن في نفسه النار وتحرق قلبه وهو قلبه، ويملك عقله، ولا يملك عقله أن يبعد عنه النار، ويحه فما يجديه!! ترى أي سبيل يسلك حين تنفرج الأزمة وتنفك العقدة، أهو راجع إلى ما كان يحاول إظهاره من ود؟ أم هو مستقيم مع الشر الذي زاحم فيه وبه؟ أما صاحب البلاء. أما هو فما مصيره مع هذه الشرور التي كان يظنها خيرا؟ أهو مصدق نفاقهم الذي كان يظنه حبا؛ أم هو مستبد بعقله مانع شر الشرير باللفظ الخشن والوجه الملتوي! يا هادي السبيل؟ ما السبيل؟ أهو التغابي الدال على الذكاء يرافقه الخبث المبين عن التجربة؟ أم هو الصدق الدال على الاستبانه تمازجه الصراحة الواضحة عن النقاء؟ يا هادي السبيل! أكاد أسمعك تقول وهل الدنيا إلا اصطناع غباء وتجربة؟ وهو السبيل الأول. . هو السبيل