للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على هامش النقد:]

(دفاع عن البلاعة)

تأليف الأستاذ الزيات

للأستاذ سيد قطب

يبلغ الأستاذ الزيات فصل الخطاب حين يتحدث عن (الذوق) فيقول في ص٣٣:

(ولكل لغة من اللغات المتمدنة عبقرية تستكن في طرق الأداء، وتنوع الصور، وتلاؤم الألفاظ. وهذه العبقرية لا تدرك ألا بالذوق. والذوق لا يعلم، وإنما يكتسب بمخالطة الصفوة المختارة من رجال الأدب، ومطالعة الروائع العالمية لعباقرة الفن. واطلاع الكاتب على الأمثلة الرفيعة من البيان الخالد يرهف ذوقه، ويوسع افقه، ويريه كيف تؤدي المعاني الدقيقة، وتحيا الكلمات الميتة)

ولكي لا يقع اللبس في ما يعنيه الأستاذ بالكلمات الميتة، نقتبس فقرات له في ص٨٢ توضح هذا المعنى ولها في ذاتها قيمة في بيان قضية البلاغة:

(وفي اختيار الكلمة الخاصة بالمعنى إبداع وخلق، لأن الكلمة ميتة، ما دامت في المعجم، فإذا وصلها الفنان الخالق بأخواتها في التركيب، ووضعها في موضعها الطبيعي من الجملة، دبت فيها الحياة، وسرت فيها الحرارة، وظهر عليها اللون، وتهيأ لها البروز. والكلمة في الجملة كالقطعة في الآلة، إذا وضعت في موضعها على الصورة اللازمة والنظام المطلوب تحركت الآلة وإلا ظلت جامدة. وللكلمات أرواح كما قال (موباسان). واكثر القراء، وان شئت فقل اكثر الكتاب، لا يطلبون منها غير المعاني. فإذا استطعت أن تجد الكلمة التي لا غنى عنها، ولا عوض منها، ثم وضعتها في الموضع الذي اعد لها، وهندس عليها، ونفحت فيها الروح التي تعيد لها الحياة، وترسل عليها الضوء، ضمنت الدقة والقوة والصدق والطبيعة والوضوح، وأمنت الترادف والتقريب والاعتساف ووضع الجملة في موضع الكلمة وذلك في الجهاد الفني فوز غير قليل).

وهذا كلام جيد، فلقد آن الأوان لان نقدر قيمة الكلمة في تلوين الصورة الفنية، فهي أشبه شيء باللون المعين في الصورة، وكما تتبين مهارة المصور في اختيار الألوان وتنسيقها

<<  <  ج:
ص:  >  >>