جاءني من الأديب (عبد القادر دوير) خطاب يسألني فيه أسئلة متعددة عن رأيي في خسارة العالم بفقد أديسون وماركوني، وخسارته بفقد شكسبير وبرناردشو
وعن رأيي فيما هو الأسبق:(العلم أو الأدب؟!) وهل خلق الإنسان بطبيعته عالماً يتجه فكره إلى تهيئة أسباب معيشته، أو خلق بطبيعته أديباً يميل إلى الشعر والفنون؟
ثم يسألني:(ما رأيكم في كلمة الأستاذ أحمد الصاوي المنشورة في الأهرام يوم ١٧ يونيو التي يناشد الشباب المصري فيها أن يهجر الأدب والشعر وينصرف إلى العلم والاختراع ليكون رجلاً عملياً عاملاً. وختمها بقوله: (اسكتي إذن يا آلهة الشعر لقد ذهب أوانك وتلاشى سلطانك، واخرجي أيتها الأرض شباباً واقعياً قوياً يفل الحديد بالحديد والنار بالنار لا بالقصائد والأشعار)
وقد قال الأديب:(أرجو - إذا تكرمتم بالرد - أن ينشر بحثكم على صفحات مجلة (الرسالة) الحبيبة إلى قلوبنا كل الحب)
وقد رجعت إلى أعداد (الأهرام) منذ السابع عشر من شهر يونيو، فقرأت فيها حوار الأستاذين الصاوي والحكيم عن الشعر والسلاح، وتتبعت ذلك الحوار إلى أن بلغت به:(مربط حمار الحكيم) و (فيران السفينة)؛ وانتهيت منه وأنا أقول: (الحق على أستاذة الإنشاء منذ نيف وأربعين سنة في الديار المصرية. . . فلولا موضوعات المقابلة بين الصيف والشتاء، وبين الذهب والحديد، وبين العلم والمال، وبين العلم والأدب، لما وقع في الأذهان ذلك الخاطر الذي نعود إليه في مصر فترة بعد فترة لنقضي للعلوم على الفنون، أو للفنون على العلوم، أو لنوحي بهذه دون تلك في تثقيف الأمة وتعليم الشباب
فما معنى هذه المقابلة؟
هل النفس الإنسانية صهريج من المعدن يزيد فيه من العلم بمقدار ما ينقص من الأدب؟ هل العلم والأدب ضرتان تلقي إحداهما من الحظوة والزلفى بمقدار ما تلقي صاحبتها من الهجر والإعراض؟ هل الجمع بين العلم والأدب في الأمة الواحدة مستعصٍ أو مستحيل؟
فإن لم يكن شيء من ذلك كما يحسبه الحسابون، فما معنى هذه المقابلات، وماذا نجني من