للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تصيح نص عربي قديم]

وفيه شاهد على تطور العقلية العربية بعد الإسلام

للأستاذ عبد القادر المغربي

جاء في كتاب (طبقات الشعراء) لأبي عبد الله بن سلام الجُمَحي المتوفى (سنة ٢٢٢هـ) نص يتعلق بأخبار (عقيل بن عُلَّفة) فيه اضطراب وفيه تلفيق أحببنا تحقيقه في هذا المقال.

والنص - عدا ذلك يتضمن فائدة تتعلق بالاجتماع الإسلامي وتصف لنا ناحية من نواحي عقلية العرب وتطورها بعد الإسلام

وعقيل بن علَّفة هذا من أتباع (مدرسة المخضرمين) أو (مدرسة الخضرمة) أن سمح لنا بهذا التعبير. وهي المدرسة التي تتلمذ فيها طائفة من الأعراب أسلموا ولم يدخل الإيمان في قلوبهم؛ فكانت معرفتهم بآدابه سطحية. كانوا يراعون تلك الآداب حيناً ثم يغلبهم طبعهم الجاهلي فيعودون إلى ممارسة ما اعتادوه في جاهليتهم حيناً آخر. كانوا يتعزون بعزاء الجاهلية. ويحاربون القبائل المعادية لهم عصبية لوشائج الأنساب لا إقامة لحدود الله وشرائع الإسلام. وما كانوا يتورعون من شرب الخمر في بعض الأحايين ولا من الحنين إلى نزعاتهم الجاهلية: ومنها الفخر والمنافرة والمهاجاة والإفراط في الغيرة. كان فيهم جفاء وغلظة لم تخالطها بشاشة الإسلام وسجاحته ولين جانبه.

ومن أشهر تلاميذ هذه المدرسة (عقيل بن علّفة المري) و (عُلّفة) على وزان (قُبّرة) اسم للواحدة من ثمر الطلح. وهو ثمر أشبه باللوبياء.

كان عقيل أعرابيا جلفا مفرط الغيرة، له نزوع شديد إلى عادات الجاهلية، فخوراً بها، داعيا إليها

هنأ يوما أحد فتيان قريش بزواجه قائلا له: (بالرفاء والبنين والطائر المحمود) فقيل له: يكره أن يقال هذا في الإسلام وإنما هو من تهاني الجاهلية. فأجاب عقيل: يا ابن أخي! ما تريد إلى ما أحدث؟ إن هذا قول أخولك في الجاهلية إلى اليوم لا يعرفون غيره)

وقد رويت كلمته هذه للزهري فقال إن ابن عُلّفة كان من أجهل الناس)

وعدا بنو جعفر على مولى لابن علفة، فعدا هو على مولى لهم ولم يرفع الأمر إلى عامل الخليفة وأنشد:

<<  <  ج:
ص:  >  >>