عدت مساء إلى منزلي فاستقبلتني غادة (الرسالة) بثوبها الأحمر القشيب، وهي أبداً بين المجلات قيد ناظري، ومهوى خاطري. ولا غرو في ذلك، فان الدماشقة خاصة، وأبناء العرب عامة، يفضلونها لروحها العربية، وبما تعمله على (توحيد الثقافة العربية)، على سائر المجلات المصرية. وكلما ازداد الإيمان القومي في العرب، ازداد هذا الحب الطبيعي للرسالة، وازداد معه بمقدار ذلك الهجر والإعراض عن غيرها. واكتفى بالمثال الواقعي التالي دلالة على صحة ذلك! فلقد شاهدت غداة أمس فتى عربياً في الترام يحمل مجلات بينها (الرسالة). فقلت له:
- أية مجلة تحبها مما تحمل؟
- مجلة (الرسالة)!
- ولماذا آثرتها بالمحبة؟
- لان روحها المصرية تمتزج بروحنا العربية، ولأنها. - وهنا أشار إلى الغلاف - تجمع على وحدة الثقافة أبناء البلاد العربية!
وحينما رأيت مساء مجلة (الرسالة)، نظرت إلى فهرسها فوجدت فيه موضوعاً يهمني - وأبناء العرب جميعاً - وهو رد الأستاذ ساطع الحصري على الفصل الجوابي الذي نشره الأستاذ طه حسين في كتابه (مستقبل الثقافة في مصر).
اجل! كنت انتظر بصبر غير جميل من مثل أبي خلدون أن يعيد الكرة على صاحبه الذي أحاله في نقض انتقاداته على الفصل الجوابي. ذلك بأنا - ولا نكتم الدكتور طه حسين - كنا قد اعتبرنا هذه الإحالة يومئذ ضرباً من الفرار من معركة المناظرة، وقرأت اليوم كتاب الأستاذ أبي خلدون (إلى الدكتور طه)، فلا ادري ماذا عسى أن يراجع به هذا الأديب العربي الكبير ناقده بعد أن استشهد عليه بكلامه، وحصين منطقه؟
نعت الآن الدكتور طه حسين - بالأديب العربي - لا بالمصري، فحسب لان أدبه عربي بمصادره، عربي بلغته وألفاظه، عربي بمباحثه المبتكرة، وأساليبه المستعذبة! عربي على