للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الكتب]

حياة الرافعي

تقدير ونقد

للأستاذ أبو الفتوح رضوان

(تتمة ما نشر في العدد الماضي)

وفي ص ٥٧ نكتة من الأسلوب أظنها تريد أن تلقي في ذهن القارئ أن الرافعي ترك الشعر إلى النثر لأنه عجز عن الصياغة الشعرية. يقول المؤلف: (فما أراه كان يقول ذلك - يعني قيود الشعر - لا تعبيراً عن معنى تأبى كبرياؤه الأدبية أن يصرح به، وفي رأيي أن الرافعي لم يقصر في مضمار الصياغة الشعرية وإنما كان تركه الشعر نتيجة لما تصدى له من فنون الأدب. فالشعر لا يتسع لأكثر من الخواطر السريعة والخلجات النفسية القصيرة، على حين قصد الرافعي إلى الفلسفة والتطرق إلى بواطن المشاعر والوجدانات، ولو أنه نظم فلسفته في الجمال والحب لما استساغ ذلك إنسان، وفي رسائل الأحزان وأوراق الورد شعر جيد قد لا يتفق لغيره ممن اشتهروا بالشعر دونه. فأداة الرافعي في الشعر لم تكن عاجزة ولا قاصرة. ولكن تدفق عاطفته وغزارة خواطره وعمق فلسفته هي المسؤولة عن هجره الشعر. ثم ألم يكن من الخير للعربية أن يتجه الرافعي إلى النثر؟

ويرد المؤلف (ص ٦٧) تقديم شوقي لنشيده بعد أن طلبه إليه ذلك وإحجام حافظ، إلى إباء في طبع هذا وحرص في طبع ذاك على أن يقال في كل مناسبة قال شوقي. ولو كان الأمر كذلك لقدم شوقي نشيده من أول الأمر. والحق أنه استكبر أن يتقدم في مسابقة مع صغار الشعراء، وأنف من أن يضع شعره موضع الامتحان؛ فلما وعد بأن نشيده هو الفائز تقدم به، أما حافظ فكان عضواً في اللجنة، وعلى ذلك فهو يعرف اتجاهها نحو نشيد شوقي فلم يتقدم حفظاً لكرامته.

وخرج المؤلف من فصل (شيوخه في الأدب) بالنتيجة الصحيحة التي لا يتطرق إليها باطل، من أنه ليس للرافعي في الأدب شيوخ، وإنما هو فريد في فنه وفي أسلوبه، وأنه في ذلك مبتكر لم ينسج على منوال أحد. ولكن مادام الأستاذ قد حاول أن يصل إلى بعض من

<<  <  ج:
ص:  >  >>