تناول جاك دي ريندال عشاءه ثم صرف خادمته وجلس يحرر بعض الرسائل فقد كانت عادته دائما في نهاية السنة المنصرفة أن يجلس وحيدا يكتب رسائل وهو يحلم متخيلا كل ما حدث له في السنة الماضية، فإذا ما تذكر صديقا خط له بضعة أسطر مهنئا إياه بالعام الجديد، ولهذا جلس الآن إلى مكتبه ثم فتح درجا وأخرج منه صورة لامرأة حدق فيها قليلا ثم قبلها ووضعها بجوار الورقة وشرع يكتب:
(عزيزتي أيرين:
لا شك أنك تسلمت كتاب التهنئة الذي أرسلته إليك ولكني قد حبست نفسي في هذا المساء لأخبرك. . .)
وتوقفت الريشة عن الكتابة وقام جاك ليسير جيئة وذهابا.
لقد حلت به في العشرة أشهر الماضية مصيبة - ليست كمصائب الآخرين من المخاطرين أو الممثلين أو المتشردين - ولكنها امرأة أحبها واستولى عليها.
وجاك ليس صغيرا برغم أنه يبدو شابا، كما أنه ينظر إلى الحياة نظرة جدية مطلقة، لهذا أخذ يزن غرامه، كما كان يزن كل عام صداقاته القديمة والجديدة والأعمال التي مرت به وكذا الرجال الذين دخلوا حياته.
لقد خبت جذوة غرامه الأولى، ودقق مع نفسه كما يدقق التاجر عندما يضع حساباته فأخذ يسألها: ما هي ميوله نحوها وحاول أن يخمن ما ستكون عليه في المستقبل فوجد في نفسه أثرا عظيما وعميقا هو مزيج من الرغبة والشكر ومن آلاف من العواطف الأخرى التي تأتي عند انتهاء الربيع.
وأفاق على دق جرس الباب فتردد في أن يفتح، ثم قرر أن المرء في عيد رأس السنة يجب عليه أن يدخل الطارق أيا كانت شخصيته، لهذا أخذ شمعة واخترق الصالة ثم شد الترباس