للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٢ - التعليم في مصر]

للأستاذ عبد الحميد فهمي مطر

من المسلم به أن المجتمع لا يستقيم أمره ولا يحيا الحياة الهادئة المطمئنة ولا يرقى الرقي المنشود إلا إذا سادت بين أفراده فضائل معينة؛ حددتها الأديان السماوية واجتمع عليها علماء الأخلاق. . كفضائل الصدق والأمانة والشجاعة والاستقامة ورعاية حقوق الغير والإيثار والتضحية الخ. وفي مثل هذا المجتمع الفاضل يقدر الأشخاص بأعمالهم، فيعرف لكل ذي فضل فضله وينال المعتدي جزاء عدوانه، وتتجلى فيه الرحمة فيعطف القوى على الضعيف ويبر الغني الفقير ويرحم الكبير الصغير ويوقر الصغير الكبير. وكلما ازداد الناس إيماناً بهذه النواحي ازدادت المودة بينهم وازداد التعاون وقلت البغضاء وزال التشاحن، وبذا تشيع المحبة والأخوة العامة بين الناس وتسود بينهم الطمأنينة وينتشر الأمن والسلام وهو أشرف ما تصبو إليه البشرية جميعها.

ولقد أصبح هذا المجتمع الفاضل حلماً من الأحلام في هذه الأيام؛ إذ لم يعد الناس في مجتمعنا الحالي يقدرون تلك الفضائل بعد أن غمرتهم موجة المادية الجائحة المصحوبة بالأثرة وحب الذات والمتعة التي رمتنا بها المدنية الغريبة، فاستوى في الأنانية والحرص على المادة ومجافاة الخير الكبير والصغير والغني والفقير، وأصبحنا نسمع أموراً كثيرة مستهجنة عن متعلمينا وخريجي جامعاتنا ومدارسنا لم يكن لنا بها عهد في الماضي، ولم يعرفها آباؤنا ولا أجدادنا منذ نصف قرن من الزمان. فلكم سمعنا في السنين الأخيرة عن طبيب يعمل جاداً لاستنزاف أموال مرضاه فقراء أو أغنياء قبل أن يعمل على استئصال أمراضهم، والمريض المسكين الذي يرتمي في أحضان طبيبه لينقذه مما يعانيه لابد له أن يثق بهذا الطبيب وأن يصدق كل ما يقرره له؛ باذلاً كل ما في وسعه لإرضائه عله ينال الشفاء على يديه، وكم تكون الصدمة قوية مدمرة إذا عرف أن طبيبه يطب لجيبه قبل أن يطب لإراحة هذا المسكين من علته! وكم سمعنا عن محام احتال للحصول على المال بمختلف الحيل الشيطانية التي لا تقع طائلة عقوبات قوانيننا الوضعية الناقصة. ناهيك بما يعمله لإغراء المتقاضين بعضهم ببعض، وبث الفتنة خصوصاً بين المتشاحنين من أفراد الأسرة الواحدة للدخول بهم في قضايا يبتز فيها أموالهم. وكم سمعنا عن مهندس أو موظف

<<  <  ج:
ص:  >  >>