فصل من رحلات الدكتور عبد الوهاب عزام التي تطبع الآن
في مطبعة الرسالة ننشره بمناسبة ذكرى انتصار الجيش
المصري في قونية على الجيش التركي.
- ١ -
من أسكيشهر إلى قونية
أمضيت يوم الأحد في أسكيشهر ثم ركبت قطار المساء والساعة ست ميمّماً قونية؛ وكانت زيارة قونية منية في النفس حاولتها حينما سافرت إلى استانبول من قبل فحال دونها بُعد الشقة؛ وبينها وبين استانبول أكثر من عشرين ساعة بالقطار.
وكنت حينئذ أهاب اختراق الأناضول، فلما اخترقته في هذه السفرة وأنست بالسفر فيه عزمت على الرجوع إلى الشام من الطريق الذي أتيت منه؛ وكانت قونية أحبّ بلاده إليّ وكانت نفسي على رؤيتها أحرص. وإنما أربي من قونية زيارة مولانا جلال الدين
كان معي في القطار شاب من قونية معه زوجه فحدثني عن الترك وتمسكهم بدينهم وما فعلوا في الحرب، وكيف توغل اليونان في الأناضول حتى قذفهم أبطال الترك في البحر. وقال: إنهم قاربوا قونية ولكن مولانا جلال الدين ردّهم عنها. قلت في نفسي: هذه كلمة ظاهرها خرافة وباطنها حق؛ فإن ما يبثه جلال الدين في النفوس من قوة وإيمان وجهاد وحرية جدير أن يرد كل عدوّ عن حماه
- ٢ -
بلغ القطار قونية والساعة ست ونصف من الصباح فمضيت إلى فندق اسمه فندق سلجوق فاسترحت بمقدار ما حال التعب الشديد بيني وبين مشاهدة المعاهد التي طال اشتياقي إليها.