كلما هممت بإرسال المقال في هذا الكتاب، صرفتني عنه مشاغل طرآنية، أو حجرتني صوارف الدنيا من هم أو مرض أو عمل! بيد أني الساعة حريص على الكتابة في هذا السفر رغم هذه الشكاة التي تغرقني منذ مطالع شهر رمضان!
أول ما يطالع القارئ في هذا الكتاب صورة ضوئية لمسجد يحيى باشا الكبير في رمل الإسكندرية، والقارئ العادي لا يعرف المغزى في نشر هذه الصورة حتى يقرأ ما كتب في الصفحة المقابلة؛ إذ يروى المؤلف نص الدعاة الذي حاول (أن يدعو به مرة عقب صلاة الفاروق - أيده الله - بمسجد يحيى باشا ليؤمن المصلون على دعائه، فحال الحرس بينه وبين بغيته) وإذن فالكتاب وليد عقدة نفسية عند المؤلف بقيت تحز في نفسه طوال هذه الحقبة. ومما يؤيد هذا المذهب أن الأستاذ المؤلف ذكر في الصفحة الأخيرة من مؤلفه أن أصوله عنده منذ أربعة عشر عامأن أي منذ أن حاول الدعاء لمليكه في مسجد يحيى باشا فحيل بينه وبين ما يريد.
على ان نشر هذه الصورة العزيزة في مقدمة الكتاب قد ردني إلى الوراء بضعة وعشرين عاماً ترادفت ترادف الموج في محيط الزمان، فإني لأذكر هاتك الحلقات التي كانت تلتئم في ذلك المسجد المعمور يتوسطها العارف بالله الشيخ محمد البوريني إمام الخديو السابق، وكيف أعادت إلى تلك الدروس ذكريات مدارسات السلف الصالح من أمثال الحسن البصري وسفيان الثوري، وأشهد أني ما حضرت درساً دينياً كان له الأثر في نفشي ما كان لشيخنا البوريني رحمة الله.
ومتصفح الكتاب إذا شاء عرضه على الناس لابد واجد صعوبة، فهو من كتب التصريف التي أجهد المؤلف نفسه في جمع شتاتها ومطا منة ضروبها حتى استوت له جملة صالحة عرضها على القارئين. فهو يبدأ بمناجاة ملك الملوك محرمأن وأرسلت إلينا رسلك فضلاً