للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٢ - كليلة ودمنة]

للدكتور عبد الوهاب عزام

كتب الأستاذ عبد السلام هارون مقالات أربعا في كتاب (كليلة ودمنة) كما نشرته. وقد عجلت جواب المقالة الأولى في العدد ٤٢٦ من (الرسالة)، ثم بدا لي أن أنتظر فراغ الأستاذ من بحثه. فلما فرغ شغلتني شواغل عن البدار إلى الإجابة، فأرجو أن يقبل الأستاذ الناقد والقراء عذري في تأخير الإجابة التي انتظروها

وإجمال الكلام في المقالات الثلاث أن كلام الأستاذ فيها ضروب، منها ما هو تفسير لكلمة غامضة، أو توجيه للفظ يبدو في السياق غريباً؛ ومنها ما هو إجازة لوجه آخر غير الوجه الذي جرى عليه الكلام في الكتاب. وهذا الأضرب من التفسير والتوضيح والتجويز يشكر عليها الأستاذ وأوافقه عليها ومنها بحث في أساليب ابن المقفع، وهو موضوع يحتاج إلى مقدمات في كتاب (كليلة ودمنة) لم تستوف كلها، وللأستاذ رأيه فيه واجتهاده

وأما الضرب الذي يقتضي الجواب، فهو ما أخذه الناقد على كلمات أو جمل جاءت في الكتاب وعدها غلطاً، أو ظن غيرها أقرب منها إلى الصواب. وأنا أعرض على القراء آرائي في مآخذ الأستاذ على النسق الذي أجرى عليه الكلام:

٨ - ٢١٦: ٤: (إن الملوك وغيرهم جدر أن يأتوا الخير إلى أهله) أخذ الأستاذ على هذه الجملة أن جدر جمع جدار لا جمع جدير قال: (وجمع فعيل صفة على فعل نادر سمع منه نذير ونذر وجديد وجدد وسديس وسدس

والجواب أنه يجوز أن يكون الكاتب قد أجرى جدير مجرى نذير وغيره، والأولى مع هذا أن يتبع الكثير المعروف فيجمع جدير على جدراء

والمأخذ الثاني في هذه الجملة أن الأستاذ ظن أن يأتوا في الجملة بمعنى يعطون فقال: (الصواب يؤتون من آتى) وليس هذا من الصواب في شيء، والمراد في الجملة إتيان الخير بمعنى فعله ولو غيرت الجملة برأي الأستاذ إلى (يؤتوا الخير إلى أهله)، لكان فيها مأخذان: الأول تعدية آتى بعلى وهي متعدية بنفسها كما في القرآن: وآتوا اليتامى أموالهم - ولا تؤتوا السفهاء أموالكم - والثاني: أن يعدل بالجملة من أتى الخير بمعنى فعله، وهو استعمال شائع، إلى آتى الخير بمعنى أعطاه وهو استعمال غير معروف في الكلام الفصيح.

<<  <  ج:
ص:  >  >>