للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أندلسيات:]

٣ - ابن بسام صاحب الذخيرة

والشاعر أبو مروان الطُّبْني

للأستاذ عبد الرحمن البرقوقي

أَلاَ يحسن بنا بعد أن أوردنا ترجمة ابن بسام للشاعر أبي مروان الطبني أن نردفها بترجمة الفتح بن خاقان لهذا الشاعر حتى ترى فرق ما بين الترجمتين فتتم الموازنة بذلك بين هذين الأديبين من جهة، وحتى نوفي ترجمة هذا الشاعر حقها بما في ترجمة الفتح من زيادة على مما في ترجمة ابن بسام من الجهة الأخرى. نعم، قال الفتح في المطمح في حق الطبني: من ثنية شرف وحسب، ومن أهل حديث وأدب، إمام في اللغة متقدم، فارع لرتب الشعر متسنم، له رواية بالأندلس ورحلة إلى المشرق، ثم عاد وقد توج بالمعارف المفرق، وأقام بقرطبة علماً من أعلامها، ومتسنما لترفعها وإعظامها، تؤثره الدول، وتصطفيه أملاكها الأول، ومازال فيها مقيما، ولا برح عن طريق أحانيها مستقيما، إلى أن اغتيل في إحدى الليالي بقضية يطول شرحها، فأصبح مقتولا في فراشه، مذهولا كل أحد من انبساط الضرب إليه على انكماشه؛ وقد أثبت من محاسنه ما يعجب السامع، وتصغي إليه المسامع؛ فمن ذلك قوله:

وضاعف ما بالقلب يوم رحيلهم ... على ما به منهم حنين الأباعر

وأصبر عن أحباب قلب ترحلوا ... ألا إن قلبي سائر غير صابر

ولما رجع إلى قرطبة وجلس ليرى ما احتقبه من العلوم، اجتمع إليه في المجلس خلق عظيم، فلما رأى تلك الكثرة، وماله عندهم من الأثرة قال:

إني إذا حضرتني ألف محبرة ... يكتبن: حدّثني طوراً وأخبرني

نادت بمفخرتي الأقلام معلنة ... هذي المفاخر لا قعبان من لبن

وكتب إلى ذي الوزارتين أبي الوليد ابن زيدون:

أبا الوليد وما شطت بنا الدار ... وقلّ منا ومنك اليوم زوّار

وبيننا كل ما تدريه من ذمم ... وللصبي ورق خضر وأنوار

<<  <  ج:
ص:  >  >>