للدكتور طه حسين مدرسة - على معنى من المعاني - له فيها تلاميذ كثيرون، كلهم يحاول أن يتأثره ويتشبث بخصائصه وينسج فيها على منواله، ولكن وأحداً منهم لم يحقق هذه الخصائص على الوجه المطلوب. ومن بين هؤلاء التلاميذ من يبذل جهداً مضنياً يثير الإشفاق في أن يصبح نسخة أخرى من طه حسين، فتكون قصاراه أن يخرج نسخة (مشلفطة) كالصورة التي تنطبع على ورق (النشاف)!
وأوضح مثال لهذه المحاولة الأستاذ شوقي ضيف، وبخاصة في كتابه (الفن ومذاهبه في الشعر العربي) الذي نال به الدكتوراه أخيراً من كلية الآداب، ونال عليه فوق الدكتوراه شكر الجامعة أيضاً!
ونستطيع أن نطلق على مدرسة الدكتور طه حسين اسم (مدرسة الأسلوب التصويري؛ فالدكتور في خير حالاته يرسم لوحات متتابعة، أدواته فيها الكلمات والجمل. لوحات للمناظر، وللحوادث، وللمعاني، وللخطرات النفسية، والالتفاتات الذهنية، على السواء. وتلك مزيته الكبرى كصاحب شخصية أدبية
والدكتور طه صاحب موهبة في هذا وصاحب طريقة، فأما تلاميذ مدرسته فقد أخطأتهم الموهبة واتبعوا الطريقة. أخطأتهم موهبة التصوير واتبعوا طريقة التعبير. ولهذا يجوز أن نعود فنستدرك شيئاً، وهو أن مدرسة الدكتور طه حسين، هي الدكتور طه حسين نفسه؛ ثم محاولات لم تبلغ بعد حد النضوج، ولم يوجد فيها صاحب الطبيعة الموهوبة هذه الهبة الخاصة؛ بل لم يوجد فيها من يدرك سرها الأول وهو طبيعة التصوير، لأنهم جميعاً يفهمون أن هذا السر كامن في طريقة التعبير!