في سنة ١٩١٨ انهارت دعائم ألمانيا على اثر حرب اضطلعت بضرامها ضد عصبة متحالفة تفوقها قوة ومنعة. ومنذ سنة ١٩١٨ إلى سنة ١٩٢٤ جازت ألمانيا غمر أعوام تفيض بالأزمات الداخلية والخارجية، فمن حروب أهلية، إلى صنوف من الذلة في السياسة الخارجية، إلى تدهور العملة، إلى جوع وقحط؛ وفعلت هذه كل شيء لتدفع الشعب المنكود إلى وهاد اليأس. وفي سنة ١٩٢٤ استحالت شئون السياسة الخارجية إلى شيء من التحسن، وثبتت العملة، واندفعت ألمانيا في دهشة الصديق والعدو، إلى تقدم اقتصادي سريع، ولبثت حالتها المادية والمعنوية حتى وقوع الأزمة الاقتصادية الكبرى ظاهرة الثبات والاستقرار.
يقابل هذين العهدين من تاريخ ألمانيا السياسي، عهدان أدبيان مما بعد الحرب. فإلى سنة ١٩٢٣، كانت تسود الثورة الأدبية والفوضى. وفي سنة ١٩٢٤ بدأ عهد من الاستجمام والدعة والرجعة. وإذا كنا نلخص أحوال هذين العهدين - مما يلي الحرب - فإنا سنقتصر طبعاً على ذكر الأسماء والحركات التي ظهرت في هذه الحقبة ذاتها؛ وسنغضي عن ذكر كثير من الشعراء والكتاب الأحياء المعروفين، إذ قد ظهر معظمهم قبل الحرب؛ وما صنع عهد ما بعد الحرب سوى أن ثبتهم في مراكزهم، ومن هؤلاء ريكارد اهوخ، وجرهاردها وبتمان، وتوماس وهينرنخ مان، وغيرهم.
- ٢ -
تعرف الحركة الأدبية الثورية في العهد الأول مما يلي الحرب عادة بأنها حركة (التعبير) وكان (التعبير) في الأصل أساساً لبرنامج جماعة من الرسامين ثاروا على فكرة (التأثير) في الرسم فاستعار الأدب من الرسم هذه الكلمة علماً له. وهي في الأدب كما في الرسم علم للثورة. وقد كانت بادئ بدء برنامج عصبة صغيرة من الشعراء والأدباء الذين حاولوا -