ارتاح آدم إلى كيد حواء بعض الارتياح، وأدرك أن الرجل لا يعيبه أن يُفتن بالمرأة من حين إلى حين، على شرط أن يظل في الحدود التي لا تجرح كرامة الرجال
وفطِن إبليس، لعنه الله، إلى أن آدم أخذ يؤوّل كيد المرأة ويقسمه إلى أقسام فيها المكروه والمباح. . . فطن إبليس إلى هذه الثغرة فجدّد من نشاطه واستأنف الوسواس فهتف:(هل أدلكما على شجرة الخُلد؟. . . هل أدلكما على شجرة الخُلد؟. . . ألا تسمعان؟)
قالت حواء: سمعنا وسنطيع. وقال آدم: سمعنا ولن نطيع
فغضبت حواء من جواب آدم واتهمته بالزهد في الخلود، وهو زهدٌ دميم، فما يليق بالرجل أن يضيع فرصة تنجيه من الفناء، ولو ارتكب في سبيلها ما لا يليق
وغضب آدم من سفاهة حواء فقال: من أين عرف إبليس أن شجرة الخلد هي شجرة التين؟ وعلى فرض أن كلامه صدق في صدق، فكيف يجوز أن نعصي الله لنظفر بالخلود؟
اعلمي، يا حواء، أن الرزق والجاه قسمان: حرام وحلال، وأنا لا أقبل أن نُرزَق الخلد عن طريق الحرام. . . إن اللقمة المسروقة تقف في الحلق لحظة، ثم تُزدرَد برفق أو بعنف. ومع هذا تبقي لها عقابيل تحزّ في القلب إلى آماد طوال، فكيف نستجيز الظفر بنعمة الخلود عن طريق العصيان؟ وكيف نرضى أن نعيش أبد الآبدين في أسر الحرام الممقوت؟
- آدم، أنت أحمق!
- لأني أزهد في الخلد المكسوب بالعصيان؟
- لا، بل لأنك تجهل أن الخُلد أنفس وأثمن وأعز من أن تُتَقي في سبيله الشُّبُهات