قال: النساء، ففي كل يوم أراهن يبتدعن فنوناً جديدة من التبرج، وينحدرن إلى درك يفقدن فيه ما يجب أن يصان.!
قلت: أنت طيب القلب يا أخي إلى حد أعيذك منه، أو بتعبير أقرب إلى الصراحة، وأبعث من المواربة: أنت أبله!
فاربد وجه وقال: كيف تصفني بالبلاهة على أن عجبت من أنثيات تطفح بهن الطرق، لا يعرفن الحشمة، لا يبالين الحياء.!
قلت أنت أبله، لأنك تستغرب شائعا، والغرابة تكون فيما ندر، لا فيما كثر، فاستغرب الأدب إن عمت البلوى بسوء الأدب، واعجب من الحياء إن أحدقت المصيبة بضياع الحياء، ألست تقول إن الحياء قد قل؟
قال: نعم
قلت: إذن فالحياء هو الذي صار غريبا، وليس الغريب ضياع الحياء
صار ما يعنينا مألوفا، ولو قلت عنه عيب سلقوك بألسنة حداد من السخرية والتهكم، واتهموك بالتأخر، والرجوع إلى الوراء! فما أسهل الانحدار، وما أكثر أنصاره؛ وما أقل الجرأة في هدم المنكر، أو إنكار القبيح!
إن الشرع يحرم على المرأة أن تبدي زينتها إلا لبعلها أو من في حكمه، والبعل ذاته يراها في تبرجها وابتذالها نهبة للعيون، في السوق، وفي الملهى، وفي الطريق العامة، ليلا ونهارا. . فلا يحرك ساكنا، ولا يبدي انفعالا. . فأية غرابة فيما ألفناه، وتعودنا أن نراه، فلا نغضب ولا نعجب ولا نغار؟!
كان اليسير مما نشهده اليوم موجبا لعجب يثور، وغيرة تحمى، وحمية تنفجر، في زمن كانت المرأة فيه محتجبة مصونة. فإذا قضت الضرورة الملحة بظهورها بدت في الثوب