للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٢ - القرآن الكريم]

في كتاب النثر الفني

للأستاذ محمد أحمد الغمراوي

ألف زكي مبارك كتابة النثر الفني كأنما أراد أن يزلزل به الزمان فخرج فيه على الإجماع في أمر القرآن

وعلماء العربية - والأئمة المجتهدون منهم - مجمعون طوال تلك القرون على أن القرآن معجز. وأول شرائك الإعجاز التنزه عن كل ما يمكن أن يعد عيباً في الكلام، وإلا لأمكن لبليغ أن يستدرك على القرآن. من أجل ذلك لم يؤثر عن عالم من علماء العربية الذين تعرضوا لنقد الكلام الفصيح أن ذكر شيئاً يكمن أن يعد عيباً حين تكلم عن القرآن؛ لكنك حين تأخذ في أول فصل من فصول كتاب زكي مبارك، فصل نقد النثر الفني، تجده في أول صفحة منه يعيب على علماء العربية أنهم حين تعرضوا لنقد القرآن لم يذكروا إلا المحاسن، فنقدهم من أجل ذلك ليس في رأيه بالنقد الصحيح! اقرأ له إن شئت قوله من صفحة ١٧:

(وليس في اللغة العربية كتاب منثور شغل به النقاد غير القرآن. على أن شغل النقاد لم يكن عملاً فيناً بالمعنى الصحيح للنقد الأدبي؛ فقد كان مفروضاً في كل من يكتب عن القرآن أن يظهر عبقريته هو في إظهار ما خفي من أسرار ذلك الكتاب المجيد، وليس هذا من النقد في شيء. وإنما النقد أن يقف الباحث أمام الأثر الأدبي موقف الممتحن للمحاسن والعيوب. من أجل ذلك وسم أكثر ما كتب عن القرآن باسم الإعجاز لأن النقاد اطمأنوا إلى أن القرآن هو المثل الأعلى الذي تقف عنده حدود الطبيعة الإنسانية في البلاغة والبيان)

فما رأيك في مذهب صاحب هذا الكلام في القرآن؟ أتراه يطمئن إلى ما اطمأن إليه النقاد، أم تراه مخالفاً لهم يرى في القرآن عيوباً لم يروها ولا يمكن أن يراها بصير منصف لأنها غير موجودة في القرآن، فعابهم بأنهم لم يذكروا إلا المحاسن، وأن نقدهم من أجل ذلك غير فني ولا صحيح؟ وعبارته تلك فيها أكثر من مأخذ من ناحية الدقة ومن ناحية الخروج. فهو غير دقيق في حكاية مذهب النقاد في تقدير بلاغة القرآن، فإن مذهبهم أعلى كثيراً مما نسب إليهم وحكى عنهم، لأنهم يجعلون القرآن فوق طاقة البشر ووراء حدود الطبيعة

<<  <  ج:
ص:  >  >>