رآها أنطونيو فشغف بها حباً، وكانت نظرته الأولى إلى وجهها المشرق الجميل الرائع فاصلاً عظيما في حياته التي جد بها الظمأ، ففجأها وابل من كوثر الحب، فرويت، ولكنه وا أسفاه كان روى أحر من قاتل الظمأ، وآلم لنفسه من شديد الجواد
وأحبته جينفرا، وكانت تقضي لياليها مثله مؤرقة مسهدة، تفكر في روحه الشاعرة الحلوة التي تطل عليها من عينيه الحبيبتين وقلبه الذي يرسل إليها نبضاته الموسيقية على أجنحة الأثير. . .
ولبث أنطونيو يجد في ميادين الحياة ليبني دعامة مستقبله على لبنات من مادتها، حتى إذا تقدم إلى والد جينفرا تقدم وفي يديه حفنة من ذهب قارون لا تطمئن ألباب الآباء إلا إليه، ولا تطب إلا به، ولا تقيس العيش إلا بمعياره. . . وكان يعمل دائباً وفي عينيه صورة جينفرا ما تفارقهما، وفي قلبه المعمود تمثالها المعبود ما يبارحه، حتى إذا تصرمت سنون أربع طوال كالدهر وتقدم إلى والدها دلجي امييرا يخطب إليه ابنته، رده الأب الجبار رداً لا رحيماً ولا كريماً، لأن فتى من أسرة أجولانتي يقال له فرانسيسكو كان قد تقدم إلى الرجل يخطبها على نفسه، فقبل الرجل يده، من غير أن يستشير ابنته، ومن غير أن يقيم للحب الذي صهر فؤادها وزناً، مع علمه به، ورثائه لها من أجله. . .
وكانت المادة التي عمل أنطونيو على اكتسابها جهده سبب رد الوالد التاجر إياه، لأن أسرة الفتى فرانسيسكو كانت أسرة جاه ويسار ومجد، وإن يكن الفتى نفسه من هذا الشباب القُنَّع الذي لا خير فيه، وإن يكن قلب جينفرا لم يجزه إلا صدوداً، ولم يشعره إلا جفاء وسلواناً
ولكن ما قيمة أن تأبى الفتاة في هذا العصر العنيف الظالم ما لا يأباه أبواها من أمر لا يعنيهما بقدر ما يعنيها، لأنه أمر حياتها ولأنه أمر سعادتها أو شقوتها؟ لا! لا قيمة