للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[في الحب أيضا]

وجواب بعض المسائل

للأستاذ إبراهيم عبد القادر المازني

يظهر أنني لم أحسن البيان فيما كتبته عن الحب والوقت الذي تكون فيه النفس احسن تهيؤاً له، فقد تلقيت رسائل من هنا وههنا، ومن مصر وغيرها من أقطار العرب، جملة ما استخلصته منها أني حمار طويل الأذنين، وأن لي نهيقاً عالياً ولكنه نهيق لا أكثر، وقد أكون كذلك فما أدري، ولو أني عرفت نفسي على حقيقتها لكان هذا حسي، وعزائي، إذا كنت هذا، قولُ رصيفي الفاضل أبن الرومي:

فيّ طبعٌ ملائكيُّ لديه ... عازف صادف عن الإطراب

أو حمارية فمقدار حظي ... شبعةٌ عنده بلا أتعاب

فبين الملائكية والحمارية هذه الجامعة - إن الملائكية تغري بالعزوف والزهد ترفعاً أو استنكافاً، أو لا أدري لماذا، فما ارتقيت قط إلى هذه المرتبة، وأن الحمارية تؤدي أيضاً إلى الزهد وإن كان هذا منها عن نقص الإدراك وعدم الشعور بالحاجة. ولا تعنيني الأسباب، وإنما تعنيني النتيجة وهي كما ترى واحدة والحمد لله، ولقد أطلت النظر إلى وجهي في المرآة لما وردتني هذه الرسائل ورفعت يدي إلى أذنيّ أتحسسهما ثم قلت لنفسي إن الحمارية طبيعية لا صورة، وارتددت عن المرآة ورأسي مثنىٌ على صدري وأذناي مسترخيتان - مجازاً.

وقال أحد الأفاضل الذين كتبوا إلي، إني لو قضيت يوماً على شاطئ البحر في الإسكندرية لأدركت أن الحب يجئ في وقت النشاط الجم لا الفتور كما زعمت، واعترف لي غير واحد أنهم أحبوا على الريق وذكر لي أحدهم أنه كان يلقي صاحبته كل صباح فأحبها، وقال ثان انه سمع صوتاً في الصباح فخيل إليه أنه يعرفه، فلما رآها عرف أن ذاكرته لم تخنه، وكان أن احب ذات الصوت الذي أيقضه من النوم، ولكن الله لم يكتب له الفوز بها. وذكر ثالث أن المرأة تتزين في كل وقت - في البيت وخارج البيت الخ الخ فما بي إلى الإطالة حاجة

لهذا قلت إني لم أحسن البيان، فما أردت أن أعين ساعة معلومة للحب في الصباح أو

<<  <  ج:
ص:  >  >>