للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دراسات في الأدب]

للدكتور عبد الوهاب عزام

الأدب الموضوعي نقد وتاريخ

رأينا فيما تقدم أمثلة من الأدب الموضوعي، ورأينا بعض هذه الأمثلة يتناول قطعة من الأدب ليبين ما فيها من عيوب ومزايا؛ ورأينا أمثلة أخرى تبين مناهج الكلام البليغ، وتوضح مزايا هذا الكلام في معانيه وألفاظه وأساليبه، وقلنا أن هذه الأمثلة وما يشبهها تسمى نقداً. ثم وجدنا أمثلة غيرها تقصد إلى تبيين أطوار الكلام في العصور المتتابعة وإيضاح أسبابها، وقلنا إن هذه الأمثلة وأشباهها تُعدّ من تاريخ الأدب

وهنا نُجمل الكلام في النقد الأدبي وتاريخ الأدب

١ - النقد الأدبي

نقد الكلام تبيين مزاياه وعيوبه، وتمييز جيّده من رديئه يقال: نقد الكلام وانتقده على قائله، وهو من نقده الشعر ونقَّاده. . . الخ

٢ - نشوء النقد وتطوره

النقد طبيعي في الإنسان، ينشأ من استحسان الشيء أو استهجانه. ويزيد الناس اهتماماً به اختلاف الأذواق في تقدير الشيء الجميل والقبيح، وتفاوت الإدراك في معرفة الصواب والخطأ، ويعظم الخلاف في دقائق الأمور التي لا يُبينها حِس واضح أو إدراك بيّن، وكلما دقت المسألة عسُر الحكم فيها وكثر الخلاف؛ وكلما كثر الخلاف كان النقد أصعب، وكان على صعوبته ألزم. والنقد يكون في العلوم، والصناعات، ويكون في الآداب. وهو في هذه أغمض وأعسر لأن الآداب لا يرجع فيها إلى الحس أو العقل ولكن إلى العاطفة والذوق، وهما من الأمور النفسية يصعب تحديدهما ويكثر الاختلاف في أحكامهما

والنقد يكون في مبتدئه أحكاماً لا يدعمها برهان ولا يوضحها بيان، ثم تتناقض الأحكام، وتتصادم الآراء، فيذهب كل ناقد يفسر رأيه، ويقيم حجته، على قدر ما يواتيه فكره، ويمده ذوقه، حتى ينتهي الجدال إلى أمور مسلمة ومقاييس محدودة يحتكم الناس إليها فيتفقون. وربما ينتقل الخلاف من المسائل الجزئية التي يختلفون فيها إلى المقاييس الكلية التي

<<  <  ج:
ص:  >  >>