من الحكايات التي ساقها ابن حيان قوله: سمعت إسحق بن أحمد القطان البغدادي بتستر يقول: كان لنا جار ببغداد كنا نسميه طبيب القراء، كان يتفقد الصالحين ويتعاهدهم. فقال لي دخلت يوماً على أحمد بن حنبل؛ فإذا هو مغموم مكروب. فقلت. مالك يا أبا عبد الله؟ قال: خير. قلت: ومع الخير؟ قال: امتحنت بتلك المحنة (القول بخلق القرآن) حتى ضُربتُ ثم عالجوني وبرأت، إلا أنه بقى في صلبي موضع يوجعني هو أشد عليَّ من ذلك الضرب. قال: قلت اكشف لي عن صلبك، قال: فكشف لي فلم أر فيه إلا أثر الضرب فقط؛ فقلت: ليس لي به معرفة، ولكن سأستخبر عن هذا. قال: فخرجت من عنده حتى أتيت صاحب الحبس، وكان بيني وبينه فضل معرفة. فقلت له: أدخل الحبس في حاجة؟ قال: ادخل. فدخلت وجمعت فتيانهم، وكان معي دريهمات فرقتها عليهم، وجعلت أحدثهم حتى أنسو بي؛ ثم قلت: من منكم ضُرب أكثر؟ قال: فأخذوا يتفاخرون حتى اتفقوا على واحد منهم أنه أكثرهم ضرباً، وأشدهم صبراً. قال: فقلت له أسألك عن شيء؟ قال: هات. فقلت: شيخ ضعيف ليس صناعته كصناعتكم، ضرب على الجوع للقتل سياطاً يسيرة؛ إلا انه لم يمت وعالجوه وبرأ؛ إلا أن موضعاً في صلبه يوجعه وجعاً ليس له عليه صبر. قال: فضحك. فقلت: مالك؟ قال: الذي عالجه كان حائكا. قلت: فما الحيلة؟ قال: يُبطُّ صلبه، وتؤخذ تلك القطعة ويرمى بها، وإن تركت بلغت إلى فؤاده فقتلته. قال: فخرجت من الحبس؛ فدخلت على أحمد ابن حنبل، فوجدته على حالته؛ فقصصت عليه القصة. قال: ومن يبطه؟ قلت: أنا. قال: أوَ نفعل؟ قلت: نعم. قال: فقام فدخل ثم خرج وبيده مخدتان، وعلى كتفه فوطة؛ فوضع إحداهما لي والأخرى له؛ ثم قعد عليها، وقال: استخر الله. فكشفت عن صلبه وقلت: أرني موضع الوجع. قال: ضع إصبعك عليه؛ فإني أخبرك به. فوضعت إصبعي وقلت: هاهنا موضع الوجع قال: ههنا أحمد الله على العافيه. فقلت: ههنا؟ قال: هاهنا أحمد الله على العافية. فقلت: هاهنا؟ قال: هاهنا أسأل الله العافية. قال: فعلمت أنه موضع الوجع. قال: فوضعت المبضع عليه فلما أحس بحرارة المبضع وضع يده على