للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[يزيد بن المهلب]

للأستاذ حمدي الحسيني

للمهلب بم أبي صفرة أبناء نجباء كرماء شجعان غزاة فاتحون قد أجمع المؤرخون على أنه لم يكن في دولة بني أمية اكرم منهم.

وكان لهم في الشجاعة مواقف مشهورة مشكورة. ذكر آل المهلب في مجلس عبد الرحمن بن الأشعث بسوء فقال حريس بن هلال القريعي: والله ما أعلم أحداً أصون لنفسه عند الرخاء ولا أبذل لها في الشدة منهم.

وقدم عبد الرحمن بن سليم الكلبي على المهلب فرأى بنيه قد ركبوا عن أخرهم فقال:

آنس الله الإسلام بتلاحقكم. أما والله لئن لم تكونوا أسباط بنوه فإنكم لأسباط ملحمة. وكان عمر بن عبد العزيز يقول: آل المهلب جبابرة لا أحب مثلهم. ووفد مالك بن بشير على الحجاج فسأله عن ولد المهلب فقال هم رعاة الباب حتى يأمنوا، وحماة السرح حتى يردوه، قال ايهم أفضل قال ذاك إلى أبيهم. هم كالحلقة المفرغة لا يعلم طرفاها.

أجل لقد أصاب مالك بن بشير في أن أبناء المهلب كالحلقة المفرغة. وفي أن أباهم هو الذي يعرف طرفي الحلقة ويميز بين أقدارهم ويفضل بعضهم على بعض. وها نحن نراه يعلن هذه المعرفة وهذا التفضيل في وصيته لأبنائه يقول لهم والسرور يملأ نفسه: قد استخلفت عليكم يزيد، وجعلت عليكم حبيباً على الجند حتى يقدم بهم على يزيد. فلا تخالفوا يزيد. فيجيبه المفضل لو لم تقدمه لقدمناه.

فعن يزيد بن المهلب أحدثكم هذه المرة فأجلوا أمامكم شخصيته القوية جلاء ترون فيه ألواناً زاهية ساحرة من العظمة، وأشكالاً جميلة فاتنة من العبقرية، وضروباً نادرة المثال في البطولة والشجاعة.

ولد يزيد بن المهلب في ساحات الحروب فاكتحلت عيناه بغبار المعارك، وتضمخ جسمه بعبير الكر والإقدام، وملأت سمعه قعقعة السلاح والركاب، وصبت في نفسه أخبار الحروب والقتال، وهزت روحه نغمات النصر وأناشيد الظفر فنشأ على ظهور الخيل في ساحات الفر. وبين الأبطال في ميادين النضال.

قاتل يزيد بن المهلب الخوارج مع أبيه فكان له في قتالهم مواقف البطولة أكسبته الثقة

<<  <  ج:
ص:  >  >>