[الغد المجهول]
للأديب سيد قطب
يا ليتَ شعري، ما يُخِّبئهُ غدي ... إني أروحُ مع الظنونِ وأغتدي
وأُجيلُ باصِرَتي بها وبصيرتي ... أبغِي الهُدَى فيها، وما أنا مهتدِ
حتى إذ لاحَ اليقينُ خِلالَها ... أشفقتُ من وجه اليقين الأسود
وأشحْتُ عنه، ولو أَطقتُ دعوتُه ... وطرحتُ عنَّي حيرتي وتردُّدي
فكأنني الملاَّح تاه سفينةٌ ... ويخافٌ من شطٍّ مُخِيفٍ أجردِ
ماذا سيولَدٌ يومَ تٌولَدُ يا غدي؟ ... إني أحِسُّ بهولِ هذا المولد!
سيُصَرِّحُ الشكُّ الدفينُ بمهجتي ... فأبِيتُ فاقِدَ خَيِرِ ما ملكتْ يدي
ستروغُ من حولي عواطف لم تزلْ ... تُضْفيِ عليَّ بعطفها المتودد
ستَجِفُّ أزهارٌ يفوح عبيرُها ... حوِلي، وينفحُل بها الأرَجُ الندى
والمشعَلُ الهادي سيخبو ضوؤه ... ويَلُفُّني الليلُ البهيمُ بمفردي
ماذا تُخَلِّفُ يومَ تذهبُ يا غَدِي ... لاشيء بعد الفقدِ للمتفقِّدِ
ستخلِّفُ الأيامَ قاعاً صَفْصَفاً ... تذرو الرياحُ بها غُبارَ الْفَدْفدِ
لا مُرتجَى يُرْجى ولا أسفٌ على ... ماضٍ يضيعُ كأنه لم يُوجد
أبداً، ولا ذكرى تجدَّد ما انطوى ... حتى التألمُ لا يعودُ بمشْهَدِي!
ربَّاه إني قد سئمتُ ترُّددي ... فالآن فلتقدْم بهوِلك يا غدِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute