زيادة في الخبرة والحنكة، ونقصان في الطاقة والهمة، والأمم السعيدة هي الأمم التي تحسن الانتفاع بجانب الزيادة، وتحسن الحذر من جانب النقصان.
أما الأمم التي تهملهما إهمالاً فهي مسرفة مضيعة، قد تفوتها المنفعة ولا تضمن أن تفوتها الخسارة.
في جزائر الفيجي، على ما يقال، قبيلة تقتل الشيوخ الفانين أو تدفنهم أحياء. . . لأنهم لا ينفعون في حرب ولا صيد ولا عمل. وقد يعرقلون أعمال النافعين
أولئك قوم من الهمج لا يحتاجون إلى الرأي ولا يفترقون إلى عبر الماضي وهي كل ما يعرفه الشيوخ. فإذا بدا لهم أن الشيخوخة ضرر محصن وسن عقيمة فلا عجب: هي كذلك بين أمثال هؤلاء الناس.
وفي اليابان مجلس للشيوخ الكبارين ينتظم فيه الرجل بعد اعتزاله مناصب الحكم ومعارك السياسة ومطامع الحياة، وقلما ينتظم فيه قبل السبعين أو الثمانين. فإذا أشار بالرأي فإنما ينزع فيه عن غرض قويم لا خبيئة وراءه من طمع ولا ضغينة، أو هكذا يعتقدون هناك في فضائل الرأي الذي يصدر من مجلس الكبارين، وما نخالهم على الصواب كل الصواب فيما اعتقدوه، لأن المرء قد يطمع لغيره إذا بطلت مطامعه لنفسه، وقد يكون طمعه لابنه أو زوج بنته أو نصيره أشد تمكناً من هواه وأثقل غشاوة على بصره من الطمع الذي كان يطمعه لنفسه في شبابه.
لكن هؤلاء الكبارين ينفعون
ومتى كان لهم بعض النفع فمن الإسراف تضييعه، ومن الواجب تمييز نفعهم وضرهم قبل رفض النفع والضرر جزافاً على السواء.
أما اعتقادنا نحن في آفات آراء الشيوخ فالمحقق أنها عرضة لآفتين متلازمتين قد تفسدان كل ما لهم من أصالة وصواب: إحداهما التهيب من الأعمال الجسام، والثاني الحرص على العادة المتبعة والاستخفاف بكل شيء لا يضعون أيديهم عليه، ولا يملكون تصريفه مع