للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الذرة والسياسة والحرب]

للأستاذ عمر حليق

في المعسكر الغربي جدل حول خطورة القنبلة الذرية كسلاح فاصل وعن الدور السياسي والحربي الذي ستلعبه في مستقبل العالم.

فهناك من يعتقد بأن القنابل الذرية التي يملكها وينتجها حلفاء الغرب كافية لأن تقضي على الكيان السوفيتي وآلة حربية في فترة من الصراع المسلح قصيرة الأمد؛ وأنه لا يمكن أن توجد أسلحة دفاعية ضد هذا السلاح الجهنمي.

ويستند أصحاب هذا الاتجاه إلى اختبار اليابان؛ فهذا النوع من التدمير الجهنمي الذي محا مدينتي هيروشيما وينجاساكي شاهد حي على تحليلاتهم وتعليلاتهم وهي تتعرض إلى النواحي الفنية في مفعول القنبلة الذرية وإنتاجها. وعلى رأس أنصار هذا الرأي العالم المعروف البرت إنشتين.

وأصحاب الرأي الثاني متحفظون في نظرتهم إلى سياسة القنبلة الذرية؛ فهم لا يرون في مفعولها هذا الهول العظيم الذي يتصوره الرأي العام العالمي. ومن أبرز أصحاب هذا الرأي العالم البريطاني الشهير البروفيسور بلاكيت. , , وهو متخصص في شؤون الذرة، وقد نال مؤخراً جائزة نوبل للعلوم الطبيعية، كما أنه أصدر مؤخراً كتاباً ضمنه آراءه بصدد سياسة القنبلة الذرية، فأثار ضجة في المملكة المتحدة في الأوساط العالمية إجمالا، وضرب بذلك مثلا على مكانة العلم وحرية الرأي في ظل الديمقراطية، إذ أن استنتاجاته وتحليلاته تخالف الرأي الرسمي للحكومة البريطانية ولكنها مع ذلك لم تعترض سبيله ولم تنفر من الاستفادة بخبرته العلمية.

ولنعد إلى عرض فحوى هذا التعليل الذي لا يميل إلى تعليق أمل كبير على القنبلة الذرية كسلاح سريع الفصل في حرب المستقبل. فهو يقرر أول ما يقرر أن نقطة الضعف الرئيسية في القنبلة الذرية كونها لا تختلف عن القنابل الجوية الأخرى إلا بتدميرها عدداً كبيراً من المنشئات والأنفس، وأنها لا تستدعي تغييراً جوهرياً في الخطط العسكرية التقليدية من حرب المشاة والأساطيل والطائرات، وأن حرب المستقبل لا مفر لها من اعتبار هذه الخطط العسكرية للنصر العسكري، فقد بلغ ما ألقته أساطيل الحلفاء الجوية

<<  <  ج:
ص:  >  >>