للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[على هامش ذكرى المعري]

(داعي الدعاة) مناظر المعري

للدكتور محمد كامل حسين

- ٤ -

لخصت في مقالاتي السابقة شيئاً من حياة المؤيد داعي الدعاة، وتحدثت عن شيء من نشاطه في الحياة السياسية، ولم أشأ أن أدخل في تفصيلات لا تتحملها الصحف السيارة، والآن أتحدث عن أثر المؤيد في الحياة العلمية والأدبية. فقد كان المؤيد عظيم الأثر في معاصريه، واستطاع أن يسحرهم بفصاحته ويبهرهم بقوة حججه فانقاد له خلق كثير، واستطاع كذلك أن يجعل من تلاميذه مدرسة لها طابعه، تتحدث بآرائه وتبشر بتعاليمه، كما وضع عدة كتب لا تزال إلى الآن من أمهات الكتب التي لا يقر بها إلا شيوخ الدعوة الطيبية في الهند واليمن، (أي طائفة البهرة)، وقد سرد عبد الله بن المجدوع في رسائله أسماء الكتب التي وضعها المؤيد في الدين، وهي تبلغ نحو ثلاثة عشر كتاباً. منها كتاب واحد بالفارسية هو كتاب أساس التأويل، وقال إن المؤيد ترجم الكتاب عن العربية عن كتاب (أساس التأويل) لأبي حنيفة النعمان بن حيون المغربي. وقدر لي أن أطلع على هذا الكتاب بمكتبة مدرسة اللغات الشرقية بلندن؛ فإذا هو يبحث في تأويل قصص الأنبياء بعد أن قدم في عدة صفحات قليلة بوجوب تأويل القرآن الكريم تأويلاً باطنياً، ووجوب معرفة الظاهر والباطن

ولعل أكبر أثر تركه المؤيد هو كتاب (المجالس المؤيدية)، وهو مجموعة محاضراته التي ألقاها في مجالس الدعوة، وتجمع كل مذهب الفاطميين. فلم يترك المؤيد شيئاً من مذهبه دون الحديث عنه في هذه المحاضرات التي بلغت الثمانمائة محاضرة، ولا أدري تماماً متى جمعت هذه المحاضرات ومن الذي أطلق عليها هذا الاسم، ولكن الذي لا شك فيه أن الداعي اليمني حاتم بن إبراهيم المتوفى سنة ٥٩٦ رتب هذه المحاضرات حسب ونشرها باسم (جامع الحقائق) فأدى بذلك خدمة جليلة لمن يبحث في المجالس المؤيدية

قسم حاتم بن إبراهيم المجالس المؤيدية إلى ثمانية عشر باباً، جمع في الباب الأول ما ذكره

<<  <  ج:
ص:  >  >>