[تسبيحة الرمال. .]
في صلاة الصحراء. . .
للأستاذ أحمد عبد المجيد الغزالي
تدفق سلسالا من الوحي صافيا ... فغنت به الصحراء ركباً وحاديا
وطوَّف يسقى جدْبها من روائع ... تحدَّث حِجاها أحرفا ومعانيا
سقى فُجرَها تقوى وعدوانها هدىً ... لك الله من ظمأى تُطاردً ساقيا!
تدافعُها للموتِ حُمَّى تُديرهُ ... على القوم مَجْنياً عليه وجانيا
يثورُ بهم طبعٌ لئيمٌ إلى الوغى ... ليلقوا منايا صِرْن فيهم أمانيا
تمرَّدتِ الصحراءُ وارْبدَّ أفقُها ... وما حجبَ الأصباحَ كالأفقِِ دَاجيا!
ترحلَ كالسر المحجَّب في الدجى ... وكالهمس بين اثنين حين تناجيا
كالحُلم رفَّافاً وكالطَّيف عابراً ... وكالنفس المجهودِ ينسابُ خافيا
تسرْبلَ جنحَ الليلِ لم يخْشَ ضارباً ... من الوحش بل يخشى العصاةَ الضَّواريا
فندَّتْ رمالُ البيد ميمونَ خطْوه ... وهبَّت سواِفَيها عليْهِ حَوَانيا
تقبَّل فيه الفجرَ أبلجَ رائعاً ... ينيرُ النهارَ الحقَّ أروعَ ضاحيا
جلاها من النور السماويِّ شرعةً ... أشعتْ فشقَّت بالضياءِ اللياليا
طرائفُ لم يبل الزمانُ جديدَها ... سيبلَى جديداهُ؛ وتلك كماهيا!
بناها على حقٍ وأرسَى بناءها ... فبوركَ من مبنىً وبُوركَ بانيا
تحدَّى بها الباغينَ فاْندكَّ صرحُهم ... وشادَ بها صَرْحاً على الحقِّ عَاليا
تجنَّوْا فقالوا الحربُ، كانت أداته ... ولم يكُ إلا للأسنَّةِ شاكيا
إذا المنطقُ استعصى على الشرِّ هدُ به ... فليسَ سِوى نطق اللأسنَّةهاديا
وصاحت بهمْ أوهامهم: إنه فتىً ... من السِّحر، فاقَ السَّاحرين الدواهيا
لقد صدقت تلك الأفاعي بكذبها ... فما كلُّ سحارٍ يروضُ الأفاعِيا
وماذا عليهم لو يقولون: شاعرٌ ... يغنِّى بليلاهُ ويشدُو القوافيا
نعم. إنها (ليلى)، وأحمد (قيسها) ... وما ضرَّ أن يلقى عذُولاً وشانيا
أضاليلُ من حُمقِِ الصَّحارى، كمائها ... سَرَاباً، وكالأغصانِ فيها عواريا