للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى الباكين على فرنسا]

مقتول يبكي على قاتله!

وفي غير الحب. . .!

للأستاذ عبد المنعم خلاف

عجيب هذا التفريق والتمييز بين فرنسا السياسية وفرنسا الأدبية والروحية - إن كان لها روح - من أقلام طائفة من كتابنا، بينما فرنسا لا تفرق بين الإسلام والعروبة السياسيين والإسلام والعروبة الروحيين!

أصحيح أنه في مواريثنا ولا في أفكارنا ولا في إنسانيتنا شيء ذو قيمة يستحق الإبقاء عليه والاحتفال به وإمداده بعوامل النمو والحياة؟

وإلا فما بال فرنسا في كل ديار العرب والإسلام التي وقعت تحت سلطانها السياسي أو الأدبي تكيد للإسلام والعروبة وتحاول تجريد أهلها من القوة والمقومات والجنسية واللغة والدين؟

لو فرقت فرنسا وهي القوية بين شخصيتنا السياسية وشخصيتنا الروحية والأدبية ما كان في ذلك خطر عليها مثل الخطر الذي على أممكم الضعيفة أيها الكاتب من هذا التفريق الذي تفرقون.

(إن أول الشر استظراف الأشرار) تلك مقالة صحيحة في علم الأخلاق. وانتم استظرفتم أعدائكم أعداء الحرية والحق الذين زعموا أنهم أول من أعلن حقوق الإنسان، ومددتم أعينكم إلى ما عندهم من زينة الحياة وأعجبتم بجمال اليد التي تضربكم بالسيف وتأخذ منكم أقواتكم وأرزاقكم وغلات أرضكم ومجهود عمالكم وجنودكم لتصنع من كل أولئك أدوات زينتها ووسائل ترفها، وتقيم بها أسواق فنونها وأنسها وبهجتها ومعارض قوتها، ثم لا تذكر هي فقركم وعيلتكم وحرمانكم وضعتكم وهوانكم وجهلكم حين تذكرون أنتم باريس التي قام بنيانها على أنقاضكم وفنونها على أطلال هداكم.

إنكم أخطأتم فهم وضع الإنسان في الحياة ونسيتم الوضع القدسي الذي وضعه فيه الإسلام، وكان هذا الخطأ وهذا النسيان السبب الأول في تنازلكم الكاملة عن حقوق حياتكم وحقوق

<<  <  ج:
ص:  >  >>