للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[رسوم الفطر والأضحى في عهد الدولة الفاطمية]

للأستاذ محمد عبد الله عنان

كانت الدولة الفاطمية في مصر دولة البهاء والبذخ والترف في الحياة العامة وفي الحياة الخاصة؛ وكانت مواكب الخلافة الفاطمية ورسومها الفخمة دائماً مثار الروعة والإجلال، وكانت أعيادها ومواسمها الباهرة مثار البهجة والفرح العام؛ ومازالت آثار من تلك الرسوم والمواسم الشهيرة تمثل في كثير من أعيادنا ورسومنا وتقاليدنا الدينية؛ فإذا رأيت بعض هذه الأعياد والمواسم يجنح إلى نوع من الفخامة، وإذا رأيت بعض هذه الرسوم يتشح بأثواب من الرونق والبهاء، فإنما ذلك يرجع في الأغلب إلى أثر الدولة الفاطمية في بث هذه الروح الباذخة البهجة إلى كثير من نواحي الحياة العامة والخاصة في مصر الإسلامية

وربما كان من الشائق الممتع، وقد قضى المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها عيد الأضحى المبارك، أن نقف على طرف من الرسوم والتقاليد التي كانت تجري عليها الخلافة الفاطمية في الاحتفاء بهذا العيد الإسلامي الجامع؛ وقد كان للخلافة الفاطمية أعيادها ومواسمها الدينية الخاصة، إلى جانب العيدين الإسلاميين الرئيسيين، وهما عيد الفطر وعيد الأضحى؛ وكانت تحتفي بهما في حفلات ومظاهر رسمية رائعة؛ وكان موكب العيد من أعظم مواكب الخلافة الفاطمية؛ ففي ليلة عيد الفطر كان يعقد في الليل بالإيوان الكبير الذي يواجه مجلس الخليفة سماط ضخم يبلغ طوله نحو ثلثمائة ذراع في عرض سبعة أذرع، وتنثر عليه أنواع الفطائر والحلوى الشهية مما أعد في دار الفطرة الخلافية؛ فإذا انتهى الخليفة من أداء صلاة الفجر عاد إلى مجلسه، وفتحت أبواب القصر والإيوان على مصاريعها، وهرع الناس من جميع الطبقات إلى السماط الخلافي وتخاطفوا ما عليه بحضور الخليفة ووزرائه؛ وحينما تبزغ الشمس يركب الخليفة في موكبه إلى الصلاة ويخرج من باب العيد إلى المصلى؛ وقد انتهت إلينا عن هذه المواكب الفاطمية من أقوال المؤرخين المعاصرين صور تبهرنا بروعتها وجمالها؛ ونحن نحيل القارئ على تلك الفصول الشائقة البديعة التي ينقلها إلينا المقريزي عن هذه المواكب الخلافية الرائعة ونكتفي بأن ننقل إليه هذه الصورة الموجزة من أقوال المسبحي مؤرخ العصر الأول من الدولة الفاطمية، قال: (وفي يوم العيد ركب العزيز بالله لصلاة العيد وبين يديه الجنائب

<<  <  ج:
ص:  >  >>