للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[٤ - التعليم والحالة الاجتماعية]

في مصر

للأستاذ إسماعيل مظهر

أظهرت في مقالي السابق أن لكل أمة من الأمم ثقافة تقليدية ترثها من أسلافها، وأبنت أن هذه الثقافة تصبح بالوراثة قطعة من غريزتها وجزءاً من فطرتها، لا تنفك عنه أمة من الأمم أو تكون قد انفكت عن أخص مميزاتها وأعظم مظاهرها الاجتماعية. وعقبت على ذلك كله بمجمل العلاقات التي تربط كل أمة بثقافتها التقليدية إظهاراً لوجهة نظري في هذه المسألة الحيوية

على أن ما أحطت به في مقالي السابق قد قصر على بيان العلاقة التي تربط الثقافة التقليدية في كل أمة بمظاهرها الاجتماعية من حيث أنها مظاهر اقتصادية لا غير. والآن أريد قبل أن أختم هذه البحوث أن أظهر أن لنظريتي في الثقافة التقليدية أثراً في تكوين العقلية الفردية وتكييف العقلية الجماعية، مُنشَّأةً في كل أمة من الأمم بمقتضى الظروف والحالات التي لابستها منذ أقدم عصورها التاريخية

ومن أجل أن نبين عن حقيقة ما نقصد إليه نقصر الكلام على أخص الظواهر التي ثارت من حولها عجاجة النقد وكثر فيها الجدل حتى أصبحت من عقلية الجمهور المتعلم جزءاً لا يتجزأ

ولا ريبة أن في حياتنا الحاضرة مظاهر، هي بحكم العصر الذي نعيش فيه والحالات التي تكتنفنا، أجلى من غيرها وأبين في تكييف عقليتنا من كل الظواهر الأخرى، وأقصد بذلك الأدب من ناحية، والوطنية من ناحية أخرى

وأول ما يبدر إلى ذهن الباحث في هذا المقام أن يسأل: أمن علاقة بين الثقافة التقليدية والأدب؟ أهنالك من صلة بين هذه الثقافة والوطنية؟ أيكون لماضي الأمم أثر في تكوين أدبها وصبغ وطنيتها بصبغة خاصة، وهل من رابطة تربط بين تصورات ومشاعر وعواطف درجت عليها القرون، وبين أبناء جيل يخيل إليهم أنهم نفضوا أيديهم من الماضي وأنزلوا عن كواهلهم تراب الأزمان الغابرة، فأصبحوا خلقاً جديداً، وأمة مستحدثة من عناصر لا تمت إلى القديم بسبب من الأسباب؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>