إن أمتنا أمة مسلمة. غير أنها لا تستوحي الإسلام في تصرفاتها ونظرتها للحياة وأحداثها. ولا ترى أن من الخير الذي يعود عليها بأجزل النفع أن تنظر إلى الحياة من خلال الفكرة الإسلامية. وإن كثيراً من الكتاب يخرجون علينا بأفكار مختلفة، منهم من يرى أن حياتنا يجب أن تنهض على الإسلام، ومنهم من يرى أنه يجب أن ننحي الإسلام عن حياتنا هذه، وأن نشرع فيها على أسلوب جديد يوافق روح العصر، ويقطع كل ما يصلنا بهذا الدين العتيق.
والعجيب أن أكثر هذه الكتابات التي تنادي بفصل ديننا عن حياتنا إنما هي بأقلام كتاب مسلمين. والمفروض أن المسلم يكون أحرص على دينه، وأغير عليه من أي إنسان آخر، حتى يؤدي واجبه نحو نفسه، ووطنه، وربه، على خير الوجه وأكملها. وهؤلاء الكتاب بعملهم هذا ينهجون نهج أقوام آخرين لا تربطهم بالدين الإسلامي رابطة، لا يكادون يهادنونه ويدعونه يرسم صورة للحياة الناضجة القديمة، ويقفون له بالمرصاد ينتقصونه، ويسفهونه، ويزرون به، وينعون عليه أحكامه وآدابه وتوجيهاته.
وإذا استوحى المسلم غير الإسلام فهو وغير المسلم سواء. وهو حرب على دينه. وهو عون لأعدائه عليه. وهو دخيل علينا لا يجوز أن نركن إليه، ولا نأتمنه، ولا نهادنه. وعلينا أن نحذره ونتعرف على نياته ودخائله لأنه أخطر علينا من العدو الألد والمهاجم الصريح.
ليس ما نشكوه في هذه الحرب هو الأجانب وحدهم، بل نشكو المسلمين أيضاً؛ هؤلاء الذين يعملون لهدف غير هدفنا، ويسعون لمثل غير مثلنا، ويبنون حياة لا تتفق وحياتنا. وبعد ذلك تتخذ أقوالهم وأعمالهم حجة على الإسلام إن لم تتخذ على أنها الفكرة الإسلامية في ذاتها. ونعني من وراء هذا العسف الغليظ والضر الأليم. وننفق من قوانا في جهتين، إحداهما داخلية، والأخرى خارجية.
هذا الإسلام بعيد عنا. وكلما نادينا بالاقتراب منه، والاسترواح في ظله، والاستقاء من نبعه، خرجت علينا الذئاب العاوية لتقتنص منا الغنم الشاردة، فتفرق وحدتنا، وتضرب في صفوفنا، وتزعزع إيماننا برسالتنا وديننا وأهدافنا المنيرة الحقة. ومن هنا يظل الإسلام