حمد الأزهريون، ومن يعنيهم أن يسير هذا المعهد الجليل في الجادة المستقيمة، للأستاذ الكريم الزيات أن يخصص لمسألة إصلاحه شيئاً غير قليل من عنايته، وأن يوسع للكاتبين فيها جانباً من رسالته، رجاء أن نصل آخر الشوط إلى تحديد الغاية وتمهيد الطريق وتعيين الوسيلة. ولكني - ويشاركني فيما أخافه كثيرون - أخشى أن يلتوي علينا الأمر، وأن ننحرف عن الطريق، فيختلط علينا الرأي، ويفوت الغرض، وننتهي وقد صرنا أكثر مما نحن شيعاً وأحزاباً.
لهذا رأيت أن أكتب هذه الكلمة الأخيرة وأنصرف بعدها إلى غير ذلك من شئون
إنما ينجح الطبيب إذا صدق مريضه القول ومحض له الرأي وصارحه بدائه على جليته. وإنما ينتفع المريض متى وثق بطبيبه، وأيقن بمرضه، ووقف على خطورته، وأحسن بحاجته للعلاج. لهذا كان واجب الطبيب أن يعالن المريض بالداء وأن يباديه به؛ لكن في لغة لا تدعو لليأس، ولهجة لا تميت الأمل، حتى لا يكون كمن ينفض يديه صار في الاحتضار
من أجل ذلك كان لا بد من في رأيي لمن يدعو للإصلاح من أن يتأنى له ويلتمس له الوسائل ويستكثر له الأعوان، وألا ينفر أحداً ممن إليهم يساق الحديث ويطلب الخير. ذلك أقرب أن تصادف الدعوة قبولاً، والكلام سميعاً، وأعون على بلوغ الأرب وأهدى لنيل الوطر. على أن الألم للمرض قد يكون بالغاً، وفورة النفس قد تكون قوية، فيند القلم أحياناً، ويشتط أحياناً، وهنا نلتمس للداعي سبيل العذر من خلوص النية ونبل القصد، ما دام لا يجعل دعوته ذريعة إلى حاجة وسبيلاً إلى مراد.
ومهما يكن فلست ممن يرضون أن تتكشف المعركة القائمة الآن عن بضع مقالات لا تعدو أن تكون كصرخة اللهفان وركضة الفرس، أو مهلة النفس وحسو الطائر. أرجو أن ننتهي منها وقد وضحت الغاية، وارتسمت الخطة، واتحدت القلوب والعزائم، وتواصى الجميع على ما فيه الخير للمعهد الذي نشرف بالانتساب له، وتوحدت الجهود للسير للأمام عملياً. ولعل من أجدى أسباب الإصلاح التي يجب أن نبدأ بها فيما أرى أن يكون - كما قلت من