لا يعدو الحقيقة من يقول إن رواية غادة الكاميليا قد أفاد منها المسرح المصري أضعاف ما أفاده من رواية بل من روايات عديدة غيرها، وإن النهضة المسرحية تدين لها بالشيء الكثير. ويمكن أن ينسب جزء كبير من النجاح الذي لاقته فرقة رمسيس إلى هذه الرواية التي فتنت الجماهير ولعبت بألبابهم. وكما كانت (أوديب) الرواية التي جعلت لجورج أبيض شأناً أي شأن؛ وكما كانت (الموت المدني) الرواية التي نال بها عبد الحمن رشدي تقدير الجماهير، كذلك كانت (غادة الكاميليا) الرواية التي بلغت بها فرقة رمسيس أوج المجد، ومهدت الطريق لانتصارات كثيرة بعدها، وإن كان من شأن يوسف وهبي فيها غير ذي خطر إلى جانب السيدة روز اليوسف التي قامت بدور الغادة الفاتنة فوفقت فيه أعظم توفيق ووضعت اسمها به في ثبت الخالدين. إلا أن يوسف استطاع أن يفيد منها كما يفيد الأذكياء من توافه الأمور. وهكذا جعل من دور (أرمان) شيئاً يذكر وبطلاً يشار إليه بالبنان. بيد أن النقاد كانوا له بالمرصاد، وكان لأنفه - أنف يوسف لا أنف أرمان - قصص وحكايات كانت موضع تندر النقاد وسخريتهم على غير طائل، فقد ارتفع شأن فرقة رمسيس أيما ارتفاع، وصار جمهور الخاصة ينظر إلى الفرقة بعين الاعتبار، ويقدر مجهودها ونشاطها، وبذلك أصبح مسرح رمسيس وصالة التدخين التي جعلها يوسف إلى خلف المقاصير منتدى الطبقة الراقية في مصر، ومكان لقياهم المفضل في الليالي الساهرة، وكانت الفرقة تخرج كل أسبوع رواية، وكان لكل يوم من أيام الأسبوع طبقة خاصة أو طائفة خاصة من الناس، كما هو الشأن في بعض دور السينما اليوم.
وهكذا في أسابيع معدودة احتلت فرقة رمسيس مكاناً سامياً وغدا اسمها وأسماء أبطالها على كل لسان.